آمنوا بالله ورسله أولئك الصديقون والشهداء عند ربهم.
" الصديق " صيغة مبالغة من (الصدق) بمعنى الشخص الذي يستوعب الصدق جميع وجوده، حيث يصدق عمله قوله، وهو النموذج التام للصدق.
" شهداء " جمع " شهيد " من مادة (شهود) بمعنى الحضور مع المشاهدة سواء كانت بالعين المجردة أو البصيرة، وإذا أطلقت على " الشاهد " كلمة شاهد وشهيد، فالسبب هو حضوره ومشاهدته في المكان، كما يطلق هذا المصطلح على " الشهداء في سبيل الله " بسبب حضورهم في ميدان الجهاد.
إلا أن المراد من (الشهداء) في الآية مورد البحث قد يكون الشهادة على الأعمال، كما يستفاد من الآيات القرآنية الأخرى، فالأنبياء شهداء على أعمال أممهم، ورسول الإسلام شاهد عليهم وعلى الأمة الإسلامية، والمسلمون أيضا شهداء على أعمال الناس (1).
وبناء على هذا، فإن الشهادة على الأعمال مقام عال، والذي يكون من نصيب المؤمنين.
واحتمل البعض أن (شهداء) هنا هو الشهداء في سبيل الله، أي الأشخاص المؤمنون الذين لهم أجر وثواب الشهادة، يحسبون بمنزلة الشهداء، لذا ذكر في حديث أن شخصا ذهب إلى الإمام الصادق (عليه السلام)، فقال له: ادع الله أن يرزقني الشهادة. فقال الإمام (عليه السلام) أن المؤمن شهيد، ثم قرأ هذه الآية: والذين آمنوا بالله ورسله.. (2).
ومن الطبيعي أنه يمكن الجمع بين المعنيين، خصوصا أن القرآن الكريم أطلق مصطلح " شهيد وشهداء " في الغالب على الأعمال وما إلى ذلك.
وعلى كل حال، فإن الله تعالى يصف المؤمنين الحقيقيين هنا بوصفين: الأول: