اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم (1).
والأروع من ذلك كله أن هذه الكلمات كانت تنطلق من فم شخص لم يكن يقرأ أو يكتب، ولم يذهب للمكاتب من أجل التعليم قط، وهذا دليل أيضا على أن ما ينطق به لم يكن غير الوحي السماوي.
وذكر بعض المفسرين أن كلمة (القلم) هنا يقصد بها: (القلم الذي تخط به ملائكة الله العظام الوحي السماوي)، (أو الذي تكتب به صفحة أعمال البشر)، ولكن من الواضح أن للآية مفهوما واسعا، وهذه الآراء تبين مصاديقها.
كما أن لجملة ما يسطرون مفهوما واسعا أيضا، إذ تشمل جميع ما يكتب في طريق الهداية والتكامل الفكري والأخلاقي والعلمي للبشر، ولا ينحصر بالوحي السماوي أو صحائف أعمال البشر (2).
ثم يتطرق سبحانه لذكر الأمر الذي أقسم من أجله فيقول تعالى: ما أنت بنعمة ربك بمجنون.
إن الذين نسبوا إليك هذه النسبة القبيحة هم عمي القلوب والأبصار، وإلا فأين هم من كل تلك النعم الإلهية التي وهبها الله لك؟ نعمة العقل والعلم الذي تفوقت بها على جميع الناس ونعمة الأمانة والصدق والنبوة ومقام العصمة... إن الذين يتهمون صاحب هذا العقل الجبار بالجنون هم المجانين في الحقيقة، إن ابتعادهم عن دليل الهداية وموجه البشرية لهو الحمق بعينه.
ثم يضيف تعالى بعد ذلك: وإن لك لأجرا غير ممنون أي غير منقطع، ولم