وجاء في رواية أخرى: (أول ما خلق الله تعالى جوهرة) (1).
وورد في بعض الأخبار أيضا: (إن أول ما خلق الله العقل) (2).
ويمكن ملاحظة طبيعة الارتباط الخاص بين كل من (الجوهرة) و (القلم) و (العقل) الذي يوضح مفهوم كونهم أول ما خلق الله سبحانه من الوجود.
جاء في نهاية الحديث الذي نقلناه عن الإمام الصادق (عليه السلام) إن الله تعالى قال للقلم بعد خلقه إياه: أكتب، وأنه كتب ما كان وما سيكون إلى يوم القيامة.
وبالرغم من أن المقصود من القلم في هذه الرواية هو قلم التقدير والقضاء، إلا أن جميع ما هو موجود من أفكار وعلوم وتراث، وما توصل إليه العقل البشري على طول التأريخ، وما هو مثبت من مبادئ ورسالات وتعاليم وأحكام.. يؤكد على دور القلم في الحياة الإنسانية ومصير البشرية.
إن قادة الإسلام العظام لم يكتفوا بحفظ الأحاديث والروايات والعلوم والمعارف الإلهية في ذاكرتهم بل كانوا يؤكدون على كتابتها، لتبقى محفوظة لأجيال المستقبل (3).
وقال بعض العلماء: (البيان بيانان: بيان اللسان، وبيان البنان، وبيان اللسان تدرسه الأعوام، وبيان الأقلام باق على مر الأيام) (4).
وقالوا أيضا: (إن قوام أمور الدين والدنيا بشيئين: القلم والسيف، والسيف تحت القلم) (5).
وقد نظم بعض شعراء العرب هذا المعنى بقولهم:
كذا قضى الله للأقلام مذ بريت * أن السيوف لها مذ أرهفت خدم