لا يكون لك مثل هذا الأجر، في الوقت الذي وقفت صامدا أمام تلك التهم والافتراءات اللئيمة، وأنت تسعى لهدايتهم ونجاتهم من الضلال وواصلت جهدك في هذا السبيل دون تعب أو ملل؟
" ممنون " من مادة (من) بمعنى (القطع) ويعني الأجر والجزاء المستمر الذي لا ينقطع أبدا، وهو متواصل إلى الأبد، يقول البعض: إن أصل هذا المعنى مأخوذ من " المنة "، بلحاظ أن المنة توجب قطع النعمة.
وقال البعض أيضا: إن المقصود من غير ممنون هو أن الله تعالى لم تكن لديه منة مقابل هذا الأجر العظيم. إلا أن التفسير الأول أنسب.
وتعرض الآية اللاحقة وصفا آخر لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وذلك بقوله تعالى:
وإنك لعلى خلق عظيم.
تلك الأخلاق التي لا نظير لها، ويحار العقل في سموها وعظمتها من صفاء لا يوصف، ولطف منقطع النظير، وصبر واستقامة وتحمل لا مثيل لها، وتجسيد لمبادئ الخير حيث يبدأ بنفسه أولا فيما يدعو إليه، ثم يطلب من الناس العمل بما دعا إليه والالتزام به.
عندما دعوت - يا رسول الله - الناس لعبادة الله، فقد كنت أعبد الناس جميعا، وإذ نهيتهم عن سوء أو منكر فإنك الممتنع عنه قبل الجميع، تقابل الأذى بالنصح، والإساءة بالصفح، والتضرع إلى الله بهدايتهم، وهم يؤلمون بدنك الطاهر رميا بالحجارة، واستهزاءا بالرسالة، وتقابل وضعهم للرماد الحار على رأسك الشريف بدعائك لهم بالرشد.
نعم لقد كنت مركزا للحب ومنبعا للعطف ومنهلا للرحمة، فما أعظم أخلاقك؟
" خلق " من مادة (الخلقة) بمعنى الصفات التي لا تنفك عن الإنسان، وهي ملازمة له، كخلقة الإنسان.
وفسر البعض الخلق العظيم للنبي ب (الصبر في طريق الحق، وكثرة البذل