واعتبروا الفعل الماضي من باب الماضي المراد به المستقبل، ولكن لا داعي لهذا التكلف، خاصة أن السورة تحدثت عن يوم القيامة في الآيات اللاحقة، فذلك يدل على أن المراد بالعذاب هنا هو عذاب الدنيا.
ثم يشير تعالى إلى عقابهم الأخروي بقوله: أعد الله لهم عذابا شديدا عذابا مؤلما، مخيفا، مذلا، فاضحا، دائما أعده لهم منذ الآن في نار جهنم.
والآن فاتقوا الله يا اولي الألباب الذين آمنوا.
إن الفكر والتفكر من جهة، والإيمان والآيات الإلهية من جهة أخرى، تحذركم وتدعوكم لملاحظة مصائر الأقوام السابقة المتمردة التي عصت أمر ربها، والاعتبار بذلك والحذر من أن تكونوا مثلهم، فقد ينزل عليكم الله غضبه وعذابه الذي لم يسبق له مثيل إضافة إلى عذاب الآخرة.
وبعد ذلك يخاطب الله تعالى المؤمنين الذين يتفكرون في آيات الله بقوله:
قد أنزل الله إليكم ذكرا وهو الشئ الذي يوجب تذكركم.
وأرسل لكم رسولا يتلو عليكم آيات الله الواضحة رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور.
علما أن هناك خلافا بين المفسرين في معنى كلمة " ذكر " ولكلمة " رسولا " اعتبر بعضهم أن " الذكر " يعني القرآن، بينما فسرها البعض الآخر بأنها تعني (رسول الله) لأن الرسول هو سبب تذكر الناس، وطبقا لهذا التفسير فإن كلمة " رسولا " التي تأتي بعدها تعني شخص الرسول، وليس في البين كلام محذوف.
ولكن يصبح معنى " الإنزال " هنا هو وجود الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في الأمة وبعثه فيها من قبل الله تعالى.
ولكن إذا أخذنا " الذكر " بمعنى " القرآن " فإن كلمة " رسولا " لا يمكن أن تكون بدلا، وفي الجملة محذوف تقديره " أنزل الله إليكم ذكرا وأرسل إليكم