بلتعة: أهلي وعيالي في مكة، وأردت أن أمنع عنهم الأذى وأصونهم بعملي هذا، (واتخذ عند أهلها يدا) يقول تعالى: لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم.
وذلك لأن الأرحام والأولاد المشركين سوف لن يجلبوا خيرا وعزة في الدنيا ولا نجاة في الآخرة. إذن لماذا تتصرفون وتعملون مثل هذا العمل الذي يوجب سخط البارئ، وذلك بالتقرب من أعداء الله وإرضاء المشركين والبعد عن أوليائه تعالى وجلب الضرر على المسلمين؟
ثم يضيف تعالى: يوم القيامة يفصل بينكم (1).
وهذا تأكيد على أن مقام أهل الإيمان هو الجنة، وأن أهل الكفر يساقون إلى جهنم وبئس المصير، وهو بيان آخر وتوضيح لما تقدم سابقا من أن عملية الفرز والفصل ستكون فيما بينكم، حيث ستقطع الأواصر بصورة تامة بين الأرحام بلحاظ طبيعة الإيمان والكفر الذي هم عليه، ولن يغني أحد عن الآخر شيئا، وهذا المعنى مشابه لما ورد في قوله تعالى: يوم يفر المرء من أخيه وامه وأبيه وصاحبته وبنيه (2) وفي نهاية الآية يحذر الجميع مرة أخرى بقوله تعالى: والله بما تعملون بصير.
إنه عالم بنياتكم، وعالم بالأعمال التي تصدر منكم، سواء كانت في حالة السر أو العلن، وإذا كانت المصلحة الإلهية تقتضي عدم إفشاء أسراركم أحيانا كما في حادثة حاطب بن أبي بلتعة، فلأنها لحكمة أو مصلحة يراها سبحانه، وليس لأنه لا يعلم بها أو تخفى عليه خافية.