ومما تعبدون من دون الله (1).
وهكذا يكون الموقف القاطع والحاسم من جانب المؤمنين إزاء أعداء الله، بقولهم لهم: إننا لا نرتضيكم ولا نقبلكم، لا أنتم ولا ما تؤمنون به من معتقدات، إننا نبتعد وننفر منكم ومن أصنامكم التي لا قيمة لها.
ومرة أخرى يؤكدون مضيفين: " كفرنا بكم "، والكفر هنا هو كفر البراءة الذي أشير له في بعض الروايات ضمن ما ورد في تعدد أقسام الكفر الخمسة (2).
ويضيفون للمرة الثالثة مؤكدين بصورة أشد: وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده.
وبهذا الإصرار وبهذه القاطعية وبدون أي تردد أو مواربة يعلن المؤمنون انفصالهم وابتعادهم ونفرتهم من أعداء الله حتى يؤمنوا بالله وحده، وهم مستمرون في موقفهم وإلى الأبد ولن يتراجعوا عنه أو يعيدوا النظر فيه إلا إذا غير الكفار مسارهم وتراجعوا عن خط الكفر إلى الإيمان.
ولأن هذا القانون العام كان له استثناء في حياة إبراهيم (عليه السلام) يتجسد ذلك بإمكانية هداية بعض المشركين حيث يقول سبحانه معقبا: إن هؤلاء قطعوا كل ارتباط لهم مع قومهم الكافرين حتى الكلام الودود والملائم: إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شئ.
إن هذا الاستثناء - في الحقيقة - كان في مسألة قطع كل ارتباط مع عبدة الأصنام من قبل إبراهيم (عليه السلام) وأصحابه، كما أن هذا الاستثناء كانت له شروطه ومصلحته الخاصة، لأن القرائن تظهر لنا أن إبراهيم (عليه السلام) كان يرى في عمه (آزر) استعدادا لقبول الإيمان.
ولما كان (آزر) قلقا من آثام سابقته الوثنية وعبادته للأصنام أوعده إبراهيم