التشديد السابق الذي مر بنا خلال آيات السابقة في تجنب عقد الولاء لأعداء الله، يتحدث القرآن الكريم عن إبراهيم (عليه السلام) ومنهجه القدوة كنموذج رائد يحظى باحترام جميع الأقوام وخصوصا العرب منهم.
قال تعالى: قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه (1).
إن حياة إبراهيم (عليه السلام) الذي هو كبير الأنبياء، تلهمنا دروس العبودية لله، والطاعة والجهاد في سبيله، والوله والحب لذاته المقدسة، إن هذا النبي العظيم الذي كانت الأمة الإسلامية من بركة دعائه، وهي معتزة بالتسمية التي أطلقها عليهم، هو لكم أسوة حسنة في هذا المجال.
والمراد من تعبير الذين معه هم المؤمنون الذين ساروا برفقته في هذا الطريق بالرغم من قلة عددهم، وهنا رأي آخر في تفسير الذين معه يرى أن المقصود هم الأنبياء الذين كانوا يشاركونه بالرأي، أو أن المقصود هم الأنبياء المعاصرون له، وهو احتمال مستبعد، خاصة إذا أخذنا ما يناسب المقام في تشبيه القرآن الكريم لرسول الإسلام محمد بإبراهيم (عليه السلام)، وتشبيه المسلمين بأصحابه وأعوانه.
وجاء في التواريخ أيضا أن جماعة في " بابل " آمنوا بإبراهيم (عليه السلام) بعد مشاهدة المعاجز التي ظهرت على يديه، وصاحبوه في الهجرة، قال ابن الأثير في الكامل (ثم إن إبراهيم والذين اتبعوا أمره أجمعوا على فراق قومهم فخرج مهاجرا) (2).
ثم يضيف سبحانه لتوضيح هذا المعنى: إذ قالوا لقومهم إنا براء منكم