وفي نهاية الآية - بعنوان استنتاج كلي - يقول تعالى: فاعتبروا يا اولي الأبصار.
" اعتبروا " من مادة (اعتبار) وفي الأصل مأخوذة من العبور، أي العبور من شئ إلى شئ آخر، ويقال لدمع العين " عبرة " بسبب عبور قطرات الدموع من العين، وكذلك يقال (عبارة) لهذا السبب، حيث أنها تنقل المطالب والمفاهيم من شخص إلى آخر، وإطلاق " تعبير المنام " على تفسير محتواه، بسبب أنه ينقل الإنسان من ظاهره إلى باطنه.
وبهذه المناسبة يقال للحوادث التي فيها دروس وعظات (عبر) لأنها توضح للإنسان سلسلة من التعاليم الكلية وتنقله من موضوع إلى آخر.
والتعبير ب " اولي الأبصار " إشارة إلى الأشخاص الذين يتعاملون مع الحوادث بعين واقعية ويتوغلون إلى أعماقها.
كلمة (بصر) تقال دائما للعين الباصرة، و " البصيرة " تقال للإدراك والوعي الداخلي (1).
وفي الحقيقة أن " اولي الأبصار " هم أشخاص لهم القابلية على الاستفادة من (العبر)، لذلك فإن القرآن الكريم يلفت نظرتهم للاستفادة من هذه الحادثة والاتعاظ بها.
ومما لا شك فيه أن المقصود من الاعتبار هو مقايسة الحوادث المتشابهة من خلال إعمال العقل، كمقارنة حال الكفار مع حال ناقضي العهد من يهود بني النضير، إلا أن هذه الجملة لا ترتبط أبدا ب " القياسات الظنية " التي يستفيد منها البعض في استنباط الأحكام الدينية.
والعجيب هنا أن بعض فقهاء أهل السنة استفادوا من الآية أعلاه لإثبات هذا