المقصود، بالرغم من أن البعض الآخر لم يرتضوا ذلك.
والخلاصة أن المقصود من العبرة والاعتبار في الآية أعلاه هو الانتقال المنطقي والقطعي من موضوع إلى آخر، وليس العمل على أساس التصور والخيال.
وعلى كل حال فإن مصير طائفة " بني النضير " بتلك القدرة والعظمة والشوكة، وبتلك الصورة من الاستحكامات القوية، صار موضع (عبرة) حيث أنهم استسلموا لجماعة من المسلمين لا تقارن قواتها بقواتهم، وبدون مواجهة مسلحة، بحيث كانوا يخربون بيوتهم بأيديهم وتركوا بقية أموالهم للمسلمين المحتاجين، وتفرقوا في بقاع عديدة من العالم، في حين أن اليهود سكنوا في المدينة من أجل أن يدركوا النبي الموعود الذي ورد في كتبهم، ويكونوا في الصف الأول من أعوانه كما ذكر المؤرخون ذلك.
وبهذا الصدد نقرأ حديثا ورد عن الإمام الصادق حيث يقول: " كان أكثر عبادة أبي ذر رحمه الله التفكر والاعتبار " (1).
ومع الأسف فإن كثير من الناس يفضلون تجربة الشدائد والمحن والمصائب بأنفسهم ويذوقوا مرارة الخسائر شخصيا، ولا يعتبرون ولا يتعظون بوضع الآخرين وما يواجهونه في أمثال هذه الموارد، ويقول الإمام علي (عليه السلام) " السعيد من وعظ بغيره " (2).
وتضيف الآية اللاحقة ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا.
وبدون شك فإن الجلاء عن الوطن وترك قسم كبير من رؤوس الأموال التي جهدوا جهدا بليغا في الحصول عليها، هو بحد ذاته أمر مؤلم لهم، وبناء على هذا فإن مراد الآية أعلاه أنه لو لم يحل بهم هذا العذاب، فإن بانتظارهم عذابا آخر هو