الملائكة والبشر والحيوانات والنباتات والجمادات يمكن أن يكون بلسان " القال " ويمكن أن يكون بلسان " حال " هذه المخلوقات حول دقة النظام المثير للعجب لها في خلق كل ذرة من ذرات هذا الوجود، وهو التسليم المطلق لله سبحانه والاعتراف بعلمه وقدرته وعظمته وحكمته.
ومن جهة أخرى فإن قسما من العلماء يعتقدون أن كل موجود في العالم له نصيب وقدر من العقل والإدراك والشعور، بالرغم من أننا لم ندركه ولم نطلع عليه، وبهذا الدليل فإن هذه المخلوقات تسبح بلسانها، بالرغم من أن آذاننا ليس لها القدرة على سماعها، والعالم بأجمعه منشغل بحمد الله وتسبيحه وإن كنا غير مطلعين على ذلك.
الأولياء الذين فتحت لهم عين الغيب يتبادلون أسرار الوجود مع كل موجودات العالم، ويسمعون نطق الماء والطين بصورة واضحة، إذ أن هذا النطق محسوس من قبل أهل المعرفة. (وهنالك شرح أكثر حول هذا الموضوع في تفسير الآية 44 من سورة الإسراء).
وبعد بيان المقدمة أعلاه نستعرض أبعاد قصة يهود بني النضير في المدينة حيث يقول سبحانه: هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر.
" حشر " في الأصل تحريك جماعة وإخراجها من مقرها إلى ميدان حرب وما إلى ذلك، والمقصود منه هنا إجتماع وحركة المسلمين من المدينة إلى قلاع اليهود، أو إجتماع اليهود لمحاربة المسلمين، ولأن هذا أول إجتماع من نوعه فقد سمي في القرآن الكريم بأول الحشر، وهذه بحد ذاتها إشارة لطيفة إلى بداية المواجهة المقبلة مع يهود بني النضير ويهود خيبر وأمثالهم.
والعجيب أن جمعا من المفسرين ذكروا إحتمالات للآية لا تتناسب أبدا مع محتواها، ومن جملتها أن المقصود بالحشر الأول ما يقع مقابل حشر يوم القيامة،