وهو القيام من القبور إلى الحشر، والأعجب من ذلك أن البعض أخذ هذه الآية دليلا على أن حشر يوم القيامة يقع في أرض الشام التي ابعد اليهود إليها، وهذه الاحتمالات الضعيفة ربما كان منشؤها من وجود كلمة " الحشر "، في حين أن هذه الكلمة لم تكن تستعمل هذا بمعنى الحشر في القيامة، بل تطلق على كل إجتماع وخروج إلى ميدان ما، قال تعالى: وحشر لسليمان جنود من الجن والإنس والطير (1).
وكذلك ما ورد في الاجتماع العظيم لمشاهدة المحاججة التي خاضها موسى (عليه السلام) مع سحرة فرعون حيث يقول سبحانه: وأن يحشر الناس ضحى (2).
ويضيف البارئ عز وجل: ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله لقد كانوا مغرورين وراضين عن أنفسهم إلى حد أنهم اعتمدوا على حصونهم المنيعة، وقدرتهم المادية الظاهرية. إن التعبير الذي ورد في الآية يوضح لنا أن يهود بني النضير كانوا يتمتعون بإمكانات واسعة وتجهيزات وعدد كثيرة في المدينة، بحيث أنهم لم يصدقوا أنهم سيغلبون بهذه السهولة، وذلك ظن الآخرين أيضا.
ولأن الله سبحانه يريد أن يوضح للجميع أن لا قوة في الوجود تقاوم إرادته، فإن إخراج اليهود من أراضيهم وديارهم بدون حرب، هو دليل على قدرته سبحانه، وتحد لليهود الذين ظنوا أن حصونهم مانعتهم من الله.
ولذلك يضيف - استمرارا للبحث الذي ورد في الآية - قوله تعالى: فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين نعم، إن هذا الجيش غير المرئي هو جيش الخوف الذي يرسله الله تعالى في كثير من الحروب لمساعدة المؤمنين، وقد خيم على قلوبهم، وسلب