فإذا كان كذلك ولا شبهة أن العلة الغائية لجملة العالم - المسمى عند العرفاء بالإنسان الكبير - هو الحق الأول جل ذكره، فيكون هو الجواب عن السؤال عن مطلب " لم هو " (1). انتهى ما أردنا نقله.
وغير خفي: أنه (قدس سره) ما عقد فصلا في كتابه الكبير لإثبات وحدة إله العالم (2)، وإن أصر في موضع آخر على وحدة العالم وحدة شخصية. وأنت خبير بأنه لو كان يتم هذا البرهان في حد ذاته، لكان يمكن الجمع بين ذلك وبين تلك الأدلة، بحملها على الكثرة الاعتبارية، لما قد مضى من أن لفظة " العالم " موضوعة لشئ يكون سعة مصداقه وضيقه تابعين لاعتبار المستعمل، فيصح إطلاقه وإرادة ما سواه تعالى، بل قد مضى أن من العوالم عالم السرمد وعالم الهاهوت، وهي وعاء الذات في وجه تخيلي ترشيحي، ولكن ما راموه بنبال أفكارهم القديمة - الغير المشفوعة بالكشفيات العرفانية، وغير المصحوبة مع أرباب الوحي والتنزيل - غير موافق للذوق السليم والعقل المستقيم، من غير احتياج في مسألة من المسائل الإلهية والطبيعية إلى إثبات تلك الوحدة الطبيعية الوهمية التخيلية، الفاقدة لأول مرتبة التحقيق، فضلا عن أعلاه، وذلك لما تقرر في هذه الأعصار من أجنبية هذه الزاوية من المنظومة الشمسية عن الزوايا البعيدة عنا بما لا يحيط به علماء السلف، حتى تكون الجواذب المدعاة بين الأشياء منقطعة، وإن لم يثبت عندنا قانون الجاذبة بعد، بل أقمنا بعضا من