الذي لا يشتبه عليه الأحوال والحالات، ولا يتغير في الأوراد والأذكار، فاقتضى ربوبيته الإلهية إنزال الكتب وبعث الرسل، ورحمته الواسعة إخراج الطبائع الظلمانية إلى الوجودات النورانية، فلا يجوز التعدي عنه والدخول تحت ربوبية الآخرين، فإنه يلازم ويستلزم في وجه إنكار سعة ربوبيته، بل فيه إشعار بنقصان وسائل تربيته من الكتاب والسنة.
ولعمري إن جميع الطرق والمسالك المفتعلة في عصورنا والعصور السابقة مشبوهة، ولا تكون خالية عن أيادي الشياطين الإنسية والجنية، فلتكن من هذا التنبيه القيم على ذكر، ولا تكن من الضالين.
وإني قد سافرت الأسفار الكثيرة وشاركت في المحافل غير اليسيرة، وصاحبت أرباب الأذكار الليلية والنهارية في الخلوات الخاصة والجلوات الانسية، فهم وإن كانوا خالين عن مجموعة من الرذائل الكلامية، وفي نوع الحالات والساعات مشغولون بالمباحث التوحيدية الأخلاقية، ولكن كان الشيطان الكبير استولى عليهم، وأخذ منهم ما أراده واشتهاه، فأرسلهم إلى ما عندهم، كما اشتهر ذلك في سائر الفرق الباطلة، فإنه إذا بلغ إلى آماله الأصلية، فلا يبالي بالفروع والأغصان، ولا بغير ذلك مما يبتذله الشيطان.
فعلى المسلم المتوجه والمؤمن الكيس: أن يحافظ في طريقته المثلى على ما أتى به النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإنه قد أتم أسباب ذلك ويحتاج إلى الجد والاجتهاد في الوصول إلى تلك الغايات والآمال القصوى التي انتظرتها النفوس الراقية، فهذا أمير المؤمنين - عليه