الحركات المنتهية إلى السعادة مورد ربوبيته تعالى، لأنه هو معنى الرب، وليس الإخراج من الكمال إلى النقص ومن القوة إلى فعلية ظلمانية من الربوبية، فالآية لا تورث توهم دلالتها على ما أشير إليه.
والحق: أن معنى التربية والربوبية ليس إلا تهيئة أسباب الوصول إلى الكمال، وأما بلوغه إليه خارجا فهو خارج، لما يمكن استناد عدم البلوغ إلى قصور الماهيات وعدم قابلية المحال، فهو تعالى تصدى لتربية العالمين من ناحية اقتضاء اسمه الخاص، وهو الرب، وأما الخواص وآثار سائر أسمائه تعالى - كالمضل والضار وغيرهما - فلا ينبغي خلطها مع آثار غيرها.
وللمسألة طور آخر من البحث، ربما يأتي في مطاوي المباحث الآتية في هذا الكتاب - إن شاء الله تعالى وتقدس -.
ومن الممكن أن يقال: إن الحق الأول المتصدي لتربية العوالم، ولإخراج العالمين من النقص إلى الكمال، يكون نظره التربية حسب النظام الأتم، ولا معنى للغايات الخاصة بكل موجود، ولا للأغراض المخصوصة بكل متحرك المتوهمة عندنا، في أن تكون الحركة نحوها والتربية لأجلها، بل غاية التربية، وهي غاية الغايات في مقام الظهور هي النظام، فلو انتهى موجود في التربية إلى الشقاوة والضلالة، فهي بالقياس إلى حاله الفردية ليس من التربية، وأما بالقياس إلى اقتنائه في النظام الجملي، الذي هو تابع النظام الرباني، الذي هو ظل النظام الإلهي، فهو من التربية، ويحصل به ما هو الغاية القصوى التي يمكن أن يعلل به فعل الله تبارك وتعالى، فلا تكن من الخالطين.