كما ليس له تشه ولا غضب لبراءة السماوات منها، وليس من شرط الحيوانية والإنسانية المطلقتين هذه، بل الحياة ودرك الكليات، وهما حاصلان له باعتبار اشتماله على النفوس والعقول، وحينئذ فمع تعدد إله العالم، تتوارد العلل المستقلة على المعلول المشخص من الإنسان الكبير الشخصي الذي قد انفعل وتأثر. وهذا محال، فتعدد الإله محال (1).
وأنت خبير: بأن في هذا التقريب قصورا لا ينتهي إلى التحقيق، لأنه لا يفيد إلا الوحدة الاعتبارية فلا يكشف عن وحدة الإله.
وقيل: إن مجموع العالم شخص واحد له وحدة طبيعية، وليست وحدته كوحدة أشياء متغايرة، اتفق أن صارت بالاجتماع والانضمام كشئ واحد، مثل اجتماع البيت من اللبنات واجتماع العسكر من الأفراد، وذلك لأن بين أجزاء العالم علاقة ذاتية، لأنها حاصلة على الترتيب العلي والمعلولي، وهي مترتبة بالأشرف فالأشرف إلى الأحسن فالأحسن، ومن الأعلى فالأعلى إلى الأدنى فالأدنى، وكل جمعية تقع على هذا الوجه تكون الوحدة فيها وحدة ذاتية، وذلك لما عرفت أن العلة تمام المعلول، والأشرف تمام الذي دونه في الشرف، والشئ الذي يكون مع تمامه هو أولى به أن يكون مع نفسه، فيكون واحدا بوحدته.
وبالجملة: صرح صاحب " الحكمة المتعالية ": بأن العالم واحد شخصي بالبرهان عندنا وعند الحكيم أرسطو، حيث قال: بأن العالم حيوان واحد مطلب " ما هو " و " لم هو " فيه واحد، فمن علم أنه ما هو علم أنه لم هو،