إلى ذلك العام فيه تبارك وتعالى، فهو الرب في جميع العوالم، ويكون الأمر بيده، فيسقط قول التفويضي: بأن الأمور مفوضة، وتكون الفواعل الاختيارية، تامة الاختيار في الفاعلية، لأن معنى ذلك أن الإنسان رب نفسه، بل الأب رب الابن ورب التلامذة، وهكذا، وهو خلاف الآية. بل حسب ما تحرر في قواعدنا الحكمية، وصرح به الوالد المحقق - مد ظله - في رسالته الموسوعة في الجبر والتفويض والطلب والإرادة: أن النزاع بين المعتزلي والأشعري عقلي، يشمل جميع الفواعل الاختيارية وغير الاختيارية (1)، ومن يريد إثبات استقلال العباد في أفعالهم، فعليه إثبات استقلال سائر العلل في ذلك، قضاء لحق بعض الأدلة القائمة عليه.
إن الآية تنفي هذه المقالة وتورث أن الأشياء لا علية لها في التربية والربوبية.
وغير خفي: أن معنى الرب في سعة عجيبة يشمل جميع الأشياء، ويكون مقتضى انحصاره فيه تعالى سقوط جميع الموجودات عن كونها علة تامة لشئ في هذه النشأة، وهي نشأة التربية والإخراج من القوة إلى الفعل.
ويبقى - حينئذ - الاحتمال الثاني - وهو نفي الاعدادية للغير - فيكون الآية دليلا على مقالة الأشعري، وسيظهر ذلك في البحث الآتي إن شاء الله تعالى.