ولتعلق إرادته تعالى به تعلقا ربوبيا، فيكون كل ممكن خارجا من القوة إلى الفعلية بربوبيته، فيلزم كون الأشياء والأشخاص المتربية في الشقاوة والمتحركة في الظلمات، من ربوبيته تعالى وعموم تربيته، وهذا - مضافا إلى تنزهه تعالى عن ذلك - يستلزم كون الشقاوة الفعلية من ناحيته المقدسة، وهذا في وجه هو الجبر، لأن سبب سوء الاختيار هي الشقاوة، وهي تحصل من ربوبيته تعالى.
وإن قلنا بأن خروجها من النقص إلى الكمال من شؤون تربيته دون العكس، فيلزم عدم نفوذ إرادته، وهو أفحش فسادا، لقوله تعالى: * (يضل من يشاء ويهدي من يشاء) * (1).
والذي به انحلت المعضلة في الكتب العقلية: أن نفوذ قدرته وإرادته مما لا شبهة فيه، وعموم الحركات مستند إليه تعالى وتقدس في أية زاوية وقعت في العالم، وأن الشقاوة والسعادة بذرتان أنشئتا في الأصلاب والأرحام، بسوء اختيار الآباء والأمهات وانحرافهم الاختياري عن جادة الاعتدال والشرائع، وأنهما ليستا ذاتيتين إيساغوجيين ومن الكليات الخمس، ولا ذاتيين في باب البرهان حسب ما تبين في المنطق اصطلاحا، بل هما من خواص ولوازم الوجود، ولا يخرج السعيد عن الاختيار حتى لا يكون فيما يصدر منه مورد التحسين، ولا الشقي عن الإرادة والاختيار حتى لا يكون مورد التقبيح.
مع أن هذه الآية الكريمة ظاهرة وناظرة - عند بعض - في أن