لا يحصل النتيجة المرغوب فيها إلا بإرادته تبارك وتعالى، حسب ما برهن عليه في محله (1)، حتى في قياس الاستنتاج، فإن المقدمات ليست علة تامة، كما توهمه المفوضة (2)، وليست خارجة عن الدخالة الناقصة والعلل الإعدادية، كما تخيله الأشاعرة (3)، بل هي إعداد لصورة النتيجة.
وإن كان معنى الربوبية هي تهيئة الأسباب الممكنة للوصول، وإن لم تكن بالغة إلى حد النصاب التحقيقي حتى يحصل الكمال المطلوب، فنفي ذلك وإثباته للحق الأول خلاف ما تحرر في محله، ضرورة أن الأسباب والحركات الجزئية الخارجية - من المربين والمعلمين، ومن الطبائع والأسباب الطبيعية كالحرارة ونحوها - علل إعدادية حاملة للإمكانات الاستعدادية، فلأجل ذلك يدور الأمر بين الأمرين. أما إنكار كون الآية في مقام حصر الربوبية المطلقة في جنابه تعالى، بل في مقام نفي استقلال الغير في عالم من العوالم استقلالا ذاتيا، أي يكون هو إله ذاك العالم والسبب الاستقلالي لإصلاح حاله، فلا يدل إلا على وحدة إله العالم ورب العالم، من غير كونه منافيا لكون الغير مربيا، لا يستند إليه تعالى في وجوده، لا في التربية التي هي فعله، أو إنكار إعدادية الغير في التربية والاحتمال الأول غير صحيح، لأن الظاهر من الآية الكريمة حصر الربوبية للعالم فيه، أي لأجل عموم المتعلق يستكشف انحصار المضاف