التكوين، ونحن قد أثبتنا في العلوم البرهانية، حدوث العالم بإقامة البراهين القطعية عليه، وعلى أن جواهر العالم والصور الطبيعية للأجرام السماوية والاسطقسية، كلها تدريجي الكون سيالة الحصول غير قارة الوجود، كالحركة المتصلة ومقدارها من الزمان (1). انتهى.
ويتوجه عليه: أن الآية لا تدل على ذلك، بل الآية تدل على أن كل ما أمكن أن يتربى فمربيه رب العالمين، وأما أن كل موجود في هذا العالم يتدرج من النقص إلى الكمال، فهو يطلب من مقام آخر.
وبعبارة أخرى: كما أن معنى الرب، يستلزم كون المراد من العالمين عالم الماديات العلوية أو السفلية، ولا يشمل المجردات المحضة التي لا تتدرج في الوجود، ولا تتحرك نحو الكمال، بل هي الإبداعيات المفارقة للمواد والأزمان، كذلك هو يستلزم اختصاص الربوبية بما يمكن أن يطرأه التدرج، كما في المقولات الأربع العرضية، وأما في مقولة الجوهر فلا يمكن مثلا، فلا تشملها الآية الكريمة الشريفة، فما في كلمات الصدر المتقدم وصاحب الحكمة المتبالية، لا يخلو عن تأسف.
نعم يمكن دعوى: أن قضية العموم خروج جميع العوالم من النقص إلى الكمال، وجميع الأشياء من القوة إلى الفعل قضاء لحق عمومية ربوبيته، ولكن قد خرجنا عن هذا العموم، لقيام القرينة العقلية في الإبداعيات، فيبقى الباقي تحته، فإن البرهان على امتناع الحركة الجوهرية، فتكون تلك أيضا خارجة، وإلا فقضية الكتاب خروج جميع