الأفعال، الصادرة عن المكلفين وغيرهم من الوسائط والعلل، ولا يختص بأفعال العباد، خلافا لما يستظهر من بعض عبائرهم وتقرر: أن الأمر بين الأمرين لا جبر ولا تفويض، بل أمر متوسط بينهما لا يصل إلى الإلحاد والكفر، فيكون الحق جل اسمه نازلا عن مقامه الربوبي، ولا يصل إلى الشرك والوثنية، فيكون الحق معزولا، بل يداه مبسوطتان يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.
فعلى هذا يكون الكتاب من الابتداء ناظرا إلى الرد عليهم بأن العبد يستعين، فالاستعانة فعله، وهو تعالى يعينه، وإليه يرجع قوله: " بحول الله وقوته أقوم وأقعد " (1) فإن الفعل مستند إليه، إلا أن الاستناد إلى العلة الحقيقية أتم وأقوى، وهذا ليس معناه سلب اختيار العبد في أفعاله، كما توهم جماعة الأشعريين.
وربما يأتي في أثناء المباحث آيات تشير إلى هذه البارقة الملكوتية، وإذا كان هناك مناسبة نذكر بعض مهمات المسألة. والله العالم بالحقائق.