ثالث في البين يكون مجعولا وموجودا حقيقة، حتى الظل المنبسط على رؤوس الماهيات الإمكانية، كما عرفت سابقا من أرباب الفلسفة والبرهان دون الشهود والوجدان.
والإنصاف أن الاعتقاد بذلك المنهج في غاية الإشكال، وخروج عن طور الشرائع، حسب ما يظهر منها لأهلها وإن كان موافقا لعدة آيات مضت الإشارة إلى بعضها.
ومنها قوله تعالى: * (الله نور السماوات والأرض) * (1)، وإذا لم يكن هو نوره الحسي فهو نوره الحقيقي وما هو به تقوم السماوات والأرض، هي الحقيقة الظلية، لا الأصيلة، فإنها لا تباشر الماهيات ولا تسافح الأنواع والعناوين.
ولذلك أفاد الوالد الكامل الجامع بين شتات العلوم العقلية والنقلية، والراحل بقدميه العلمية والعملية إلى قصوى مدارج العلوم النظرية والتطبيقية، وإلى نهاية مباحث العلوم المتعارفة المتشتتة، في حواشيه على " مصباح الانس في شرح مفتاح غيب الجمع بين الشاهد والمشهود ": أن الوجود هو الأصل جعلا وتحققا، وأن الماهيات تظهر بتلك الحقيقة الظلية والحق المخلوق به، ولكنها لمكان أنها من الروابط المطلقة في ذاتها، وليست إلا معنى اندكاكيا وحرفيا ونفس التدلي بالذات الحي القيومي، لا يمكن أن ينظر إليها وفيها، ولا يثبت لها حكم اسمي، لأن كل ما نشاهده بوجه اسمي، فهو غيره، لأنه بحقيقته مرهون الغفلة وعدم