حينئذ - شخصية إطلاقية، بل هي وحدة سنخية مختلفة إطلاقا وحملا.
وما أشبه هذه المقالة بمقالة أهل الكشف، ولكنهم أيضا مختلفون في مدارج الكشف والشهود. وما ذكرناه عنهم كان من القشريين منهم.
وهنا تمثيل آخر: إذا حبست رجلا محبوسا مسجونا لا يعرف الشمس من القمر ولا الليل من النهار ولا الظل من الضوء فحصل بينه وبين إظلال الطيور في جو السماء ثقبة يمكن أن يرى تلك الإظلال، فإذا سئل عنه فلا يجيب إلا بجواب يرجع إلى اعتقاده أن هذه الأظلة حقائق خارجية مشغولة بالحركة والسير. والله العالم.
وربما قيل: إلى هذه المرتبة من التوحيد يشير قوله تعالى: * (هو معكم) * (1) فلو كانت المعية ثابتة لظله الشريف، لما صحت الآية في ظاهرها اللغوي من أن المشار إليه هي الذات الأحدية، وأنها مع الماهيات والمخاطبين، لا الأمر الآخر الذي اعتقده أرباب العرفان والبرهان، خلافا للقرآن مثلا وقوله تعالى: * (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) * (2)، فإن الثلاثة هي الأظلة، والرابع هو الوجود، والأظلة هي الماهيات.
وغير خفي: أن ما نسب إلى أهل المعرفة من أصالة الماهية - جعلا لا تحققا - يناسب هذه البارقة الملكوتية، لأن ما هو الموجود بالذات هو الوجود، وما هو الموجود المتوهم هي الماهيات ولا أمر