لأنه يأمر بقيام جميع الليل، كما قال ﴿ان ربك يعلم انك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه﴾ (١). والمعنى ان ربك يعلم يا محمد انك تقوم أدنى، أي أقرب وأقل من ثلثي الليل (ونصفه وثلثه) أي أقل من نصفه ومن ثلثه، والهاء تعود إلى الليل أي نصف الليل وثلث الليل، معناه انك تقوم في بعض الليالي قريبا من الثلثين وفى بعضها قريبا من نصف الليل وفى بعضها قريبا من ثلثه.
وقيل إن الهاء تعود إلى الثلثين، أي وأقرب من نصف الثلثين ومن ثلث الثلثين. وإذا نصبت فالمعنى وتقوم نصفه وثلثه ويقوم طائفة من الذين معك.
وقوله تعالى ﴿والله يقدر الليل والنهار﴾ (٢) أي يقدر أوقاتهما لتعلموا منها على ما يأمركم به.
(علم أن لن تحصوه) أي تطيقوا المداومة على قيام الليل ويقع منكم التقصير فيه (فتاب عليكم) بأن جعله تطوعا ولم يجعله فرضا. وقيل أي فخفف عليكم.
﴿فأقروا ما تيسر من القرآن﴾ (3) الان، يعنى في الصلاة عند أكثر المفسرين.
وأجمعوا أيضا على أن المراد بالقيام المتقدم في قوله (قم الليل) هو القيام إلى الصلاة الا ابا مسلم فإنه قال أراد القيام لقراءة القرآن.
(علم أن سيكون منكم مرضى) وذلك يقتضي التخفيف عنكم (وآخرون يضربون في الأرض) أي ومنكم آخرون ويسافرون للتجارة وطلب الأرباح، ومنكم قوم آخرون يقاتلون في سبيل الله، فكل ذلك يقتضي التخفيف عنكم، (فاقرأوا ما تيسر منه).
وروي عن الرضا عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: (فاقرأوا ما تيسر منه) لكم فيه خشوع القلب وصفاء السر وأقيموا الصلاة لحدودها التي أوجبها الله عليكم.