عضوا على أصابعهم من شدة الغيظ، لأنه ثقل عليهم مكان الرسل، عن ابن مسعود، وابن عباس، والجبائي وثانيها: ان معناه جعلوا أيديهم في أفواه الأنبياء تكذيبا لهم، وردا لما جاؤوا به. فالضمير في أيديهم للكفار، وفي أفواههم للأنبياء، فكأنهم لما سمعوا وعظ الأنبياء وكلامهم، أشاروا بأيديهم إلى أفواه الرسل تسكيتا لهم، عن الحسن، ومقاتل وثالثها: ان معناه وضعوا أيديهم على أفواههم مومين بذلك إلى الرسل أن اسكتوا عما تدعوننا إليه، كما يفعل الواحد منا مع غيره إذا أراد تسكيته، عن الكلبي. فيكون على هذا القول الضميران للكفار ورابعها: ان كلا الضميرين للرسل أي: أخذوا أيدي الرسل فوضعوها على أفواههم ليسكتوهم، ويقطعوا كلامهم فيسكتوا عنهم، لما يئسوا منهم، هذا كله إذا حمل معنى الأيدي والأفواه على الحقيقة.
ومن حملها على التوسع والمجاز فاختلفوا في معناه فقيل: المراد باليد ما نطقت به الرسل من الحجج، والمعنى فردوا حججهم من حيث جاءت، لأن الحجج تخرج من الأفواه، عن أبي مسلم. وقيل: إن المعنى ردوا ما جاءت به الرسل، وكذبوهم، عن مجاهد، وقتادة، وقيل: معناه تركوا ما أمروا له، وكفوا عن قبول الحق، عن أبي عبيدة، والأخفش. قال القتيبي: ولم يسمع أحد ان العرب تقول رد يده في فيه بمعنى ترك ما أمر به، وإنما المعنى انهم عضوا على الأيدي حنقا وغيظا، كقول الشاعر: (يردون في فيه عشر الحسود) يعني أنهم يغيظون الحسود حتى يعض على أصابعه العشر، وقال آخر:
قد أفنى أنامله أزمه * فأضحى يعض علي الوظيفا (1) وقيل: المعنى ردوا بأفواههم نعم الرسل أي: وعظهم وبيانهم، فوقع في موقع الباء، عن مجاهد. قال الفراء: أنشدني بعضهم:
وأرغب فيها عن لقيط ورهطه ولكنني عن سنبس لست أرغب (2) قال: أراد أرغب بها يعني بنتا له يقول: ارغب بها عن لقيط وقبيلته * (وقالوا إنا