وقيل: يلطف لمن يشاء ممن له لطف، ويضل عن ذلك من لا لطف له. فمن تفكر وتدبر اهتدى وثبته الله، ومن أعرض عنه خذله الله * (وهو العزيز الحكيم) * ظاهر المعنى. ثم ذكر سبحانه إرساله موسى فقال: * (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا) أي:
بالمعجزات، والدلالات * (أن أخرج قومك) * أي: بأن أخرج قومك * (من الظلمات إلى النور) * مر معناه أي: أمرناه بذلك. وإنما أضاف الإخراج إليه لأنهم بسبب دعائه خرجوا من الكفر إلى الإيمان.
* (وذكرهم بأيام الله) * قيل فيه أقوال: أحدها: ان معناه وأمرناه بأن يذكر قومه وقائع الله في الأمم الخالية، وإهلاك من أهلك منهم، ليحذروا ذلك، عن ابن زيد، والبلخي، ويعضده قول عمرو بن كلثوم:
وأيام لنا غر طوال عصينا الملك فيها أن ندينا (1) فيكون المعنى: الأيام التي انتقم الله فيها من القرون الأولى والثاني: ان المعنى ذكرهم بنعم الله سبحانه في سائر أيامه، عن ابن عباس، وأبي بن كعب، والحسن، ومجاهد، وقتادة، وروي ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام. والثالث: أنه يريد بأيام الله سننه وأفعاله في عباده من إنعام وانتقام. وكنى بالأيام عنهما، لأنها ظرف لهما، جامعة لكل منهما، عن أبي مسلم. وهذا جمع بين القولين المتقدمين.
* (إن في ذلك) * التذكير * (لآيات لكل صبار شكور) * أي: دلالات لكل من كان عادته الصبر على بلاء الله، والشكر على نعمائه، وإنما جمع بينهما لأن حال المؤمن لا يخلو من نعمة يجب شكرها، أو محنة يجب الصبر عليها، فالشكر والصبر من خصال المؤمنين، فكأنه قال لكل مؤمن. ولأن التكليف لا يخلو من الصبر والشكر * (وإذ قال موسى لقومه) * والتقدير واذكر يا محمد إذ قال موسى لهم * (اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم) * أي: في الوقت الذي أنجاكم * (من آل فرعون يسومونكم) * أي:
يذيقونكم * (سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم) * أي: يستبقونهن أحياء للاسترقاق * (وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم) * والآية مفسرة في سورة البقرة (2)،