اللغة: العزيز: القادر على الأشياء، الممتنع بقدرته من أن يضام. والحميد:
المحمود على كل حال. والاستحباب: طلب محبة الشئ بالتعرض لها، والمحبة:
إرادة منافع المحبوب وقد يستعمل بمعنى ميل الطباع. والشهوة والبغية، والابتغاء:
الطلب.
المعنى: * (الر) * قد ذكرنا معافي الحروف المقطعة في أوائل السور، وذكرنا اختلاف الأقاويل فيه في أول البقرة * (كتاب أنزلناه إليك) * يعني القرآن نزل به جبرائيل عليه السلام من عند الله تعالى، أي: هذا كتاب منزل إليك يا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ليس بسحر، ولا بشعر * (لتخرج الناس) * أي: جميع الخلق * (من الظلمات إلى النور) * أي: من الضلالة إلى الهدى، ومن الكفر إلى الإيمان. * (بإذن ربهم) * أي: بإطلاق الله ذلك، وأمره به. وفي هذا دلالة على أنه سبحانه يريد الإيمان من جميع المكلفين، لأن اللام لام الغرض، ولا يجوز أن يكون لام العاقبة، لأنه لو كان ذلك لكان الناس كلهم مؤمنين والمعلوم خلافه.
ثم بين سبحانه ما النور، فقال: * (إلى صراط العزيز الحميد) * أي: يخرجهم من ظلمات الكفر، إلى طريق الله المؤدي إلى معرفة الله المنيع في سلطانه، المحمود في فعاله ونعمه التي أنعم بها على عباده * (الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض) * أي: له التصرف فيهما على وجه لا اعتراض عليه. * (وويل لكافرين من عذاب شديد) *: أخبر أن الويل للكافرين الذين يجحدون نعم الله، ولا يعترفون بوحدانيته، من عذاب تتضاعف الأمة.
ثم وصف الكافرين بقوله * (الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة) * أي:
يختارون المقام في هذه الدنيا العاجلة، على الكون في الآخرة، وإنما دخلت * (على) * لهذا المعنى. وذمهم سبحانه بذلك لأن الدنيا دار انتقال وفناء، والآخرة دار مقام وبقاء. * (ويصدون عن سبيل الله) * أي: يمنعون غيرهم من اتباع الطريق المؤدي إلى معرفة الله، ويجوز أن يريد أنهم يعرضون بنفوسهم عن اتباعها * (ويبغونها عوجا) * أي: يطلبون للطريق عوجا أي: عدولا عن الاستقامة. والسبيل يذكر ويؤنث.
وقيل: معناه يلتمسون الدنيا من غير وجهها، لأن نعمة الله لا تستمد إلا بطاعته دون معصيته * (أولئك في ضلال بعيد) * أي: في عدول عن الحق، بعيد عن الاستقامة والصواب.