واستفتح الكفار العذاب الذي توعدهم به الأنبياء على جهة التكذيب لهم * (من ورائه جهنم) * أي: جهنم بين يدي هذا الجبار، عن الزجاج، أي: له مع الخيبة نار جهنم بين يديه. وقيل: معناه من خلفه، وإنما جاز في الزمان أن يسمى الأمام وراء، وإن لم يجز في غيره، لأن الزمان المستقبل كأنه خلفهم، لأنه يأتي فيلحقهم كما يلحق الانسان من خلفه.
* (ويسقى من ماء صديد) * أي: ويسقى مما يسيل من الدم والقيح من فروج الزواني في النار، عن أبي عبد الله عليه السلام، وأكثر المفسرين. أو لونه لون الماء، وطعمه طعم الصديد. وروى أبو أمامة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله * (ويسقى من ماء صديد) * قال: يقرب إليه فيكرهه، فإذا أدني منه شوى وجهه، ووقعت فروة رأسه (1)، فإذ شرب قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره، يقول الله عز وجل * (وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم) * ويقول: * (وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه) * وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من شرب الخمر، لم تقبل له صلاة أربعين يوما، فإن مات وفي بطنه شئ من ذلك، كان حقا على الله أن يسقيه من طينة خبال (2) وهو صديد أهل النار وما يخرج من فروج الزناة فيجتمع ذلك في قدور جهنم فيشربه أهل النار فيصهر به ما في بطونهم والجلود). رواه شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق عليه السلام، عن آبائه عليه السلام عنه صلى الله عليه وآله وسلم.
* (يتجرعه) * أي: يشرب ذلك الصديد جرعة جرعة * (ولا يكاد يسيغه) * أي: لا يقارب أن يشربه تكرها له، وهو يشربه، والمعنى أن نفسه لا تقبل لحرارته ونتنه، ولكن يكره عليه * (ويأتيه الموت من كل مكان) * أي: تأتيه شدائد الموت وسكراته من كل موضع من جسده، ظاهره وباطنه، حتى تأتيه من أطراف شعره، عن إبراهيم التيمي، وابن جريج. وقيل: يحضره الموت من كل موضع، ويأخذه من كل جانب، من فوقه، ومن تحته، وعن يمينه وشماله، ومن قدامه وخلفه، عن ابن عباس، والجبائي.
* (وما هو بميت) * أي: ومع إتيان أسباب الموت و الشدائد التي يكون معها