الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أولئك في ضلال بعيد (3).
القراءة: * (الله الذي) * بالرفع، مدني شامي، والباقون بالجر.
الحجة: قال أبو علي: من قرأ بالجر جعله بدلا من * (الحميد) *، ولم يكن صفة، لأن الاسم وإن كان مصدرا في الأصل، والمصادر يوصف بها كما يوصف بأسماء الفاعلين، فكذلك كان هذا الاسم في الأصل الإله، ومعناه ذو العبادة أي:
العبادة تجب له. قال أبو زيد: التأله التنسك، وأنشد لرؤبة (سبحن واسترجعن عن تألهي) (1) فهذا في أنه في الأصل مصدر قد وصف به مثل السلام والعدل، إلا أن هذا الاسم غلب حتى صار في الغلبة لكثرة استعمال هذا الاسم كالعلم، وقد يغلب ما أصله الصفة فيصير بمنزلة العلم، قال:
ونابغة الجعدي بالرمل بيته عليه صفيح من تراب وجندل والأصل النابغة، ولما غلب نزع منه الألف واللام كما ينزع من الأعلام نحو زيد وجعفر، وربما استعمل في هذا النحو الوجهان، قال:
تقعدهم أعراق حذيم بعد ما رجا الهتم إدراك العلى والمكارم (2) وقال: (وجلت عن وجوه الأهاتم) (3). ومن قرأ بالرفع قطعه من الأول، وجعل * (الذي) * الخبر، أو جعله صفة، وأضمر الخبر. ومثل ذلك في القطع: * (قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب) *. ومن قطع ورفع جعل قوله * (لا يعزب عنه) * خبرا، لقوله * (عالم الغيب والشهادة) *. ومن جر أجرى * (عالم الغيب) * صفة على الأول، وعلى هذا يجوز * (من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن) * أي إن شئت جعلت هذا صفة لقوله * (من مرقدنا) * وأضمرت خبرا لقوله * (ما وعد الرحمن) *. وإن شئت جعلت قوله * (هذا) * ابتداء، و * (ما وعد الرحمن) * خبرا.