لازم باطل لا ينكره إلا مكابر. وهذا الرجل (1) الذي يتشدد هنا
(1) هو صالح الفوزان، ودعوى البدعة والشرك عنده سهلة جدا، حتى أنني رأيت منسكا له عد فيه الدعاء عند القبر الشريف من الأخطاء العظيمة لأنه (وإن كان الداعي لا يدعو إلا الله) بدعة ووسيلة إلى الشرك. كذا في منسكه (ص 52) وغير خفي أن الدعاء عند القبر الشريف تضافرت النقول عليه عن السلف والخلف وابن تيمية ذكر ذلك عن جماعات في رده على الأخنائي (ص 37 - 38) فانظره.
ثم رأيت أن أتحف القارئ الكريم بهذه الفائدة من معجم الشيوخ للحافظ الذهبي الذي قال في (1 / 73 - 74) ما نصه:
(عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: (أنه كان يكره مر قبر النبي صلى الله عليه وسلم قلت: كره ذلك لأنه رآه إساءة أدب.
وقد سئل أحمد بن حنبل عن مس القبر النبوي وتقبيله فلم ير بذلك إساءة أدب. وقد سئل أحمد بن حنبل عن مس القبر النبوي وتقبيله فلم ير بذلك بأسا، رواه عنه ولده عبد الله بن أحمد. فإن قيل: فهلا فعل ذلك الصحابة قيل: لأنهم عاينوه حيا وتملوا به وقبلوا يده وكادوا يقتتلون على وضوئه واقتسموا شعره المطهر يوم الحج الأكبر، وكان إذا تنخم لا تكاد نخامته تقع إلا في يد رجل فيدلك بها وجهه.
ونحن فلما لم يصح لنا مثل هذا النصيب الأوفر ترامينا على قبره بالالتزام والتبجيل والاستلام والتقبيل.
ألا ترى كيف فعل ثابت البناني، كان يقبل يد أنس بن مالك ويضعها على وجهه ويقول: يد مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذه الأمور لا يحركها من المسلم إلا فرط حبه للنبي صلى الله عليه وسلم، إذ هو مأمور بأن يحب الله ورسوله أشد من حبه لنفسه وولده والناس أجمعين، ومن أمواله ومن الجنة وحورها، بل خلق من المؤمنين يحبون أبا بكر وعمر أكثر من حب أنفسهم.
حكى لنا جندار أنه كان بجبل البقاع فسمع رجلا سب أبا بكر فسل سيفه وضرب عنقه، ولو كان سمعه يسبه أو يسب أباه لما استباح دمه.
ألا ترى الصحابة في فرط حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم قالوا: ألا نسجد لك؟ فقال:
لا، فلو أذن لهم لسجدوا له سجود إجلال وتوقير لا سجود عبادة كما قد سجد إخوة يوسف - عليه السلام - ليوسف.
وكذلك القول في سجود المسلم لقبر النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل التعظيم والتجليل لا يكفر به أصلا بل يكون عاصيا فليعرف أن هذا منهى عنه، وكذلك الصلاة إلى القبر). انتهى كلام الذهبي.