وربيعة ثقة، والرجل يحدث بالحديث وينسى، قال: أجل هكذا هو، ولكن لم نر أنه تبعه متابع على روايته، وقد روى عن سهيل جماعة كثيرة ليس عند أحد منهم هذا الحديث، قلت: إنه يقول (كذا ولعل الصواب إنك تقول) بخبر الواحد. قال: أجل غير أني لا أدري لهذا الحديث أصلا عن أبي هريرة، أعتبر به، وهذا أصل من الأصول لم يتابع عليه ربيعة ".
قلت: لقد دلتنا هذه المحاورة الطريفة بين أبي حاتم وابنه، أن أباه لا يعتبر نسيان سهيل للحديث بعد أن حدث به علة تقدح في صحة الحديث، وإنما العلة عنده تفرد ربيعة به عن سهيل من بين جميع الذين رووا عنه، ولا يخفى أن ذلك ليس بعلة قادحة، إذا كان المتفرد ثقة ضابطا كما هو مقرر في " المصطلح " لا سيما إذا كان المتفرد مثل ربيعة بن أبي عبد الرحمن الفقيه الثقة المحتج به في " الصحيحين "، وكم من أحاديث تفرد بها بعض الثقات ومع ذلك فهي صحيحة بلا خلاف مثل حديث " إنما الأعمال بالنيات " كما هو مقرر في محله، ومن أجل ذلك راجعه ابنه ولكن بدون جدوى ظاهرة.
لكن يبدو أن هذه المحاورة قد أثمرت ثمرتها في نفس أبي حاتم رحمه الله فقد روى عنه ابنه أيضا أنه ذهب أخيرا إلى صحة الحديث. فقال في " العلل " أيضا (1 / 469):
" سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه ربيعة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بشاهد ويمين؟ فقالا: هو صحيح.
قلت: يعني أنه يروى عن ربيعة هكذا. قلت: فإن بعضهم يقول عن سهيل عن أبيه عن زيد بن ثابت؟ قالا: وهذا أيضا صحيح، جميعا صحيحين ".
وقد وجدنا له أصلا من طريق أخرى عن أبي هريرة، يرويه المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد عن الأعرج عنه به. ولفظه:
"... قضى باليمين مع الشاهد ".
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 386 / 2) والبيهقي ورويا عن الإمام أحمد أنه قال: