" قوله. (يقولون من خير قول البرية) تقدم في علامات النبوة، وفي آخر فضائل القرآن قول من قال إنه مقلوب وأن المراد من قول خير البرية وهو القرآن.
قلت. ويحتمل أن يكون على ظاهره والمراد القول الحسن في الظاهر، وباطنه على خلاف ذلك، كقولهم لا حكم إلا لله في جواب علي ".
هذا وقد كنت قرأت قديما في بعض الشروح مما لا أذكره الآن أن بعضهم استدل باللفظ الاخر: " يقولون من قول خير البرية " على أنه (صلى الله عليه وسلم) أفضل الخلق بناء على أنه هو المراد بقوله " خير البرية "، وإذ قد علمت أن اللفظ المذكور شاذ غير محفوظ، فلا يصح الاستدلال به علي ما ذكر. والله سبحانه وتعالى أعلم.
وأما اللفظ الآخر الذي في الكتاب فهو الذي رواه أبو سعيد الخدري بخلاف اللفظ الأول فإنه من حديث علي كما تقدم، يرويه عبد الرحمن أبي نعم عنه قال.
" بعث علي رضي الله عنه وهو باليمن بذهيبة في تربتها إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقسمها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بين أربعة نفر: الأقرع بن حابس الحنظلي، وعيينة بن بدر الفزاري، وعلقمة بن علاثة العامري، ثم أحد بنى كلاب وزيد الخير الطائي، ثم أحد بنى نبهان، قال: فغضبت قريش فقالوا: أيعطي صناديد نجد ويدعنا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إني إنما فعلت ذلك لا تألفهم، فجاء رجل كث اللحية، مشرف الوجنتين غائر العينين ناتئ الجبين محلوق الرأس، فقال:
اتق الله يا محمد! قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): فمن يطع الله إن عصيته؟!
أيأمنني على أهل الأرض، ولا تأمنوني، قال. ثم أدبر الرجل، فأستأذن رجل من القوم في قتله (يرون أنه خالد بن الوليد) فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
" إن من ضئضئ هذا قوما يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يقتلون أهل الاسلام، ويدعون أهل الأوثان، يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد ".
أخرجه البخاري (2 / 337 و 3 / 158 - 159 و 4 / 459 - 460) ومسلم (3 / 110) وأبو داود (4764) والنسائي (2 / 174) والبيهقي