له فتخصيصه بالخبر المذكور يناسب مقتضى الحال وهذا قريب مما ذكروه في وجه تخصيصه سبحانه التجارة بإرجاع الضمير إليها في قوله جل شأنه " وإذا رأو تجارة أو لهوا انفضوا إليها " أن التجارة لما كانت هي مقصدهم من الانفضاض و اللهو تابع خصت بإرجاع الضمير دونه والجار والمجرور في قوله سبحانه " من عمل الشيطان " أما نعت رجس أو خبر ثان والضمير فاجتنبوه يعود أما إلى العمل أو الرجس أو الخمر وقد استدل بعض الفقهاء بقوله سبحانه " فاجتنبوه " على عدم جواز التداوي بالخمر ولو من خارج البدن كالإطلاء به وهو غير بعيد لإطلاق الأمر بالاجتناب من دون تقييد بحال دون حال فيدخل التداوي إلى أن يقوم الدليل على جوازه وسيأتي الكلام المستوفى ذلك في كتاب الأطعمة والأشربة إن شاء الله تعالى وجملة الترجي في قوله تعالى " لعلكم تفلحون " في موضع الحال من الفاعل في اجتنبوه كأنه سبحانه يقول " فاجتنبوه " راجين أن تنظموا في سلك المفلحين وهم الفائزون بمطلوبهم وأصل تركيب فلح وما يشاركه في الفاء والعين نحو قلق وفلذ وفلى يدل على الشق والفتح فكان المفلحين هم الذين شقوا غبار الطلب وانفتحت لهم أبواب الظفر بما مر بهم نسئل الله سبحانه التوفيق لذلك بمنه وكرمه البحث الثاني في الأحاديث المستنبط منها نجاسة الخمر ثمانية أحاديث الثاني والأخير من الكافي والبواقي من التهذيب يب الأهوازي عن النضر هو ابن سويد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام في البئر إن مات فيها ثورا وصب فيها خمر نزح الماء كله ن لا يخفى أن الاستدلال بهذا الحديث إنما يتم إذا قلنا بأن النزح للتطهير أما إذا قلنا باستحبابه أو وجوبه تعبدا فلا كا أبو علي الأشعري عن الصهباني عن صفوان عن إسماعيل بن جابر قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما نقول في طعام أهل الكتاب في آخر كلامه لا تأكله ولا تتركه تقول أنه حرام ولكن تتركه تنزها عنه أن في آنيتهم الخمر ولحم الخنزير ن وقد تقدم هذا الحديث بتمامه في الفصل الثالث ووجه الاستدلال به على نجاسة الخمر أنه عليه السلام ساوى في سبب التنزه بين الخمر ولحم الخنزير ومعلوم أنه لم يرد بقوله إن في آنيتهم الخمر ولحم الخنزير إنهما فيها بالفعل بل المراد أن آنيتهم مظنة لوضع الخمر ولحم الخنزير فيها فالظاهر أنه عليه السلام أراد أن التنزه عما هو مظنة النجاسة أولى ولقائل أن يقول لعل أمره عليه السلام بالتنزه عن طعامهم الموضوع في آنيتهم التي يوضع الخمر فيها إنما هو لصيرورة طعامهم مظنة لمخالطة الأجزاء الخمرية الرطبة الكائنة في الآنية فلا دلالة فيه على نجاسة الخمر اللهم إلا أن يقال إن أمره عليه السلام بالتنزه عن الطعام الموضوع في آنيتهم يشمل ما إذا كانت آنيتهم قبل وضع الطعام فيها جافة أو رطبة بالخمر ولحم الخنزير فإطلاق الحديث معنا فتدبر يب أحمد بن محمد عن الحسين هو الأهوازي عن إبراهيم بن أبي البلاد عن ابن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الثياب السابرية يعملها المجوس وهم أخباث وهم يشربون الخمر ونساؤهم على تلك الحال ألبسها ولا أغسلها وأصلي فيها قال نعم قال معاوية فقطعت له قميصا وخطته و قلت له إزار أو رداء من السابري ثم بعثت بها إليه في يوم الجمعة حين ارتفع النهار فكأنه عرف ما أريد فخرج فيها إلى الجمعة ن وجه الاستدلال بهذا الحديث أن المفهوم من قول معاوية بن عمار وهم يشربون الخمر أنه يعتقد نجاسة الخمر والإمام عليه السلام أقره على هذا الإعتقاد وتجويزه عليه السلام الصلاة فيها يدل على جواز الصلاة في ثوب يعمله من لا يجتنب النجاسة والسابري بالسين المهملة والباء الموحدة والراء ثياب رقاق جيدة ولعل ذكر نسائهم في أثناء السؤال لأن الغزل كان من عملهن والحياكة
(٣٦٤)