في الصلاة فكيف حصرت وجه الجمع بينهما في الحمل على التقية لا غير الثاني أن أكثر العامة قائلون بنجاسة الخمر ولم يذهب إلى طهارته إلا شرذمة نادرة وهم لا يعبأون بهم ولا بقولهم وإذا كان الحال على هذا المنوال فلا وجه لتقية أئمتنا عليهم السلام في إظهار طهارته مع أنها خلاف ما عليه جمهور علمائهم والجواب عن الأول أن الحمل على استحباب الإزالة يخالف ما عليه جماهير علمائنا قدس الله أرواحهم من نجاسة الخمر بل يخالف الإجماع الذي نقله السيد المرتضى وشيخ الطائفة على ذلك فلا مناص عن الحمل على التقية وعن الثاني أن التقية لا ينحصر في القول بما يوافق علماء العامة بل قد يدعو إليها إصرار الجهلاء من أصحاب الشوكة على أمر وولوعهم به فلا يمكن إشاعة ما يتضمن تقبيحه والازراء بهم على فعله و ما نحن فيه من هذا القبيل فإن أكثر أمراء بني أمية وبني العباس كانوا مولعين بشرب الخمر ومزاولته وعدم التحرز عن مباشرته بل ذكر المؤرخون أن بعض أمراء بني أمية أم بالناس وهو سكران فضلا عن أن يكون ملوثا به فإشاعة القول بنجاسته يتضمن شدة الشناعة عليهم وتوهم التعريض بهم فلا بعد عند السؤال عن نجاسته في صدور الجواب منهم عليهم السلام على وجه يؤمن معه من الحمل على الإزراء بهم والتشيع عليهم والتقية من أصحاب الشوكة شايعة كما حمل شيخ الطائفة الرواية الدالة على جواز نظر الحصى إلى مالكته على تقية سلطان الوقت والله أعلم بحقايق الأمور ومما يدل على نجاسة الخمر أحاديث عديدة أخر وهي وإن كانت من غير الصحاح إلا أنها معتضدة بالشهرة بل بالإجماع فمنها موثقة الساباطي ومرسلة يونس السابقتان وهما وإن لم تكونا من الصحاح إلا أنهما صارا بالمكاتبة السابقة في حكم الصحاح كما قلناه على أن يونس بن عبد الرحمن ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه فلا يضر إرساله وما يرويه محمد بن عيسى عنه إنما هو محل التوقف إذا انفرد به لا إذا شاركه غيره في نقله ومنها ما رواه شيخ الطائفة في الموثق عن عمار بن موسى عن أبي عبد الله قال لا تصل في بيت فيه الخمر لأن الملائكة لا تدخله ولا تصل في ثوب أصابه خمر أو مسكر حتى يغسل ومنها ما رواه ثقة الإسلام في الكافي عن أبي بصير قال دخلت أم خالد العبدية على أبي عبد الله عليه السلام وأنا عنده فقالت جعلت فداك أني ليعتريني قراقر في بطني وقد وصفت لي أطباء العراق النبيذ السويق وقد عرفت كراهيتك له فأحببت أن أسئلك عن ذلك فقال لها وما يمنعك عن شربه فقالت قد قلدتك ديني فألقى الله حين ألقاه فأخبره أن جعفر بن محمد أمرني ونهاني فقال يا أبا محمد ألا تسمع هذه المسائل لا فلا تذوقي منه قطرة فإنما تندمين إذا بلغت نفسك هيهنا وأومئ بيده إلى حنجرته بقوله ثلاثا أفهمت قالت نعم ثم قال أبو عبد الله عليه السلام ما يبل الميل ينجس جا من ماء يقولها ثلاثا و منها ما رواه شيخ الطائفة في الوثق عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الدن يكون فيه الخمر هل يصلح أن يكون فيه الخل أو ماء أو كامخ أو زيتون قال إذا غسل فلا بأس وعن الإبريق يكون فيه خمر أيصلح أن يكون فيه ماء قال إذا غسل فلا بأس وقال في قدح أو إناء يشرب فيه الخمر قال تغسله ثلاث مرات وسئل هل يجزيه أن يصب فيه الماء قال لا يجزيه حتى يدلكه بيده ويغسل ثلاث مرات وهذا الحديث قد يقال فيه ما قيل في حديث إسماعيل بن جابر السابق في أول البحث إلا أنه لا يخفى عليك أن إطلاق قول السائل عن الإبريق أيصلح أن يكون فيه ماء من غير تقييد بكونه ماء الشراب أو ماء الطهارة من الحدث أو الخبث وإطلاق قوله عليه السلام في جوابه إذا غسل فلا بأس يعطيان اشتراط غسله بعد الخمر
(٣٦٦)