والمراد به والله أعلم المرض الذي يضر معه استعمال الماء والذي يوجب العجز عن السعي إليه أو عن استعماله فظاهر الآية الكريمة يشمل كلما يصدق عليه اسم المرض لكن علمائنا قدس الله أرواحهم مختلفون في اليسير ومثلوه بالصداع ووجع الضرس ولعله للشك في تسميته مثل ذلك مرضا عرفا فذهب المحقق والعلامة إلى أنه غير مبيح للتيمم وبعض المتأخرين على إيجابه له وهو الأظهر فإنه أشد من الشين وقد اطبع الكل على إيجابه التيمم ثم قال تعالى أو على سفر أي متلبسين به إذ الغالب عدم وجوب الماء في أكثر الصحارى ثم قال سبحانه أو جاء أحد منكم من الغائط وهو كناية عن الحدث إذ الغائط المكان المنخفض من الأرض وقد كانوا يقصدون للحدث مكانا منخفضا تغيب فيه أشخاصهم عن الرائين فكنى عن الحدث بالمجئ من مكانه وتسميته الفقهاء العذرة بالغائط من تسمية الحال باسم المحل وقيل إن لفظة أو هنا بمعنى الواو والمراد والله أعلم أو كنتم مسافرين وجاء أحد منكم من الغائط ثم قال عز من قائل أو لامستم النساء والمراد جماعهن كما في قوله تعالى وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن واللمس والمس بمعنى واحد كما قاله اللغويون وتفسير اللمس بالوطي هو المنقول عن أئمة الهدى سلام الله عليهم وقد مر في الفصل السابع من مباحث الوضوء حديث أبي مريم قال قلت لأبي جعفر عليه السلام ما تقول في الرجل يتوضأ ثم يدعو الجارية فتأخذ بيده حتى ينتهي إلى المسجد فإن من عندنا يزعمون أنها الملامسة فقال لا والله ما بذلك بأس وربما فعلته وما يعني هذا أو لامستم النساء إلا المواقعة في الفرج والروايات بذلك عن أصحاب العصمة سلام الله عليهم متكثرة وقد نقل الخاص والعام عن ابن عباس أنه كأن يقول إن الله سبحانه حيى كريم يعبر عن مباشرة النساء بملامستهن وذهب الشافعي إلى أن المراد مطلق اللمس لغير محرم خصه مالك بما كان عن شهوة وأما أبو حنيفة فقال المراد الوطي لا اللمس وقوله تعالى فلم تجدوا ماء يشمل ما لو وجد ماء لا يكفيه للغسل وهو جنب أو للوضوء وهو محدث حدثا أصغر فعند علمائنا يترك الماء وينتقل فرضه إلى التيمم وقول بعض العامة يجب عليه أن يستعمله في بعض أعضائه ثم يتيمم لأنه واجد للماء ضعيف إذ وجوده على هذا التقدير كعدمه ولو صدق عليه أنه واجد للماء لما جاز له التيمم كما قيل وللبحث فيه مجال وقوله سبحانه فلم تجدوا ماء يراد به والله أعلم ما يكفي الطهارة ومما يؤيد ذلك قوله تعالى في كفارة اليمين فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام أي فمن لم يجد إطعام عشرة مساكين ففرضه الصيام وقد حكم الكل بأنه لو وجد إطعام أقل من عشرة لم يجب عليه ذلك وانتقل فرضه إلى الصوم ولا يخفى أن البحث إنما هو فيمن هو مكلف بطهارة واحدة أعني الجنب وذا الحدث الأصغر المذكورين في الآية أما الحائض مثلا فإنها لو وجدت ماء لا يكفي غسلها ووضوئها معا فإنها تستعمله فيما يكفيه وتيمم عن الآخر ثم لا يخفى أن المتبادر من قوله سبحانه فلم تجدوا ماء كون المكلف غير واجد للماء بأن يكون في موضع لا ماء فيه فيكون ترخيص من وجد الماء ولم يتمكن من استعماله في التيمم لمرض ونحوه مستفادا من السنة المطهرة ويكون المرضى غير داخلين في خطاب فلم تجدوا لأنهم يتيممون وإن وجدوا الماء كذا في كلام بعض المفسرين ويمكن أن يراد بعدم وجدان الماء عدم التمكن من استعماله وإن كان موجودا فيدخل المرضى في خطاب فلم تجدوا ويسري الحكم إلى كل من لا يتمكن من استعماله كفاقد الثمن أو الآلة أو الخائف من لص أو سبع ونحوهم وهذا التفسير وإن كان فيه تجوز إلا أنه هو المستفاد من
(٣٣٧)