فلما كان في الركوع والسجود قد أجمع على أن فيهما ذكرا ولم يجمع على أنه أبيح له فيهما كل الذكر كان النظر على ذلك أن يكون ذلك الذكر كسائر الذكر في صلاته من تكبيره وتشهده وقوله سمع الله لمن حمده وقول المأموم ربنا ولك الحمد فيكون ذلك قولا خاصا لا ينبغي لا حد مجاوزته إلى غيره كما لا ينبغي له في سائر الذكر الذي في الصلاة ولا يكون له مجاوزته ذلك إلى غيره إلا بتوقيف من الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك فثبت بذلك قول الذين وقتوا في ذلك ذكرا خاصا وهم الذين ذهبوا إلى حديث عقبة على ما فصل فيه من القول في الركوع والسجود وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى فإن قال قائل وأين جعل المصلى أن يقول بعد التشهد ما أحب قيل له في حديث بن مسعود حدثنا بذلك أبو بكرة قال ثنا يحيى بن حماد قال ثنا أبو عوانة عن سليمان عن شقيق عن عبد الله قال كنا نقول خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلسنا في الصلاة السلام على الله وعلى ع باده السلام على جبريل وميكائيل السلام على فلان وفلان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله هو السلام فلا تقولوا هكذا ولكن قولوا فذكروا التشهد على ما ذكرناه في غير هذا الموضع عن ابن مسعود رضي الله عنه قال ثم ليختر أحدكم بعد ذلك أطيب الكلام أو ما أحب من الكلام حدثنا أبو بكرة قال ثنا سعيد بن عامر قال ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال كنا لا ندري ما نقول بين كل ركعتين غير أنا نسبح ونكبر ونحمد ربنا وأن محمدا أوتى فواتح الكلم وجوامعه أو قال خواتمه فقال إذا قعدتم في الركعتين فقولوا فذكر التشهد ثم يتخير أحدكم من الدعاء ما أعجبه إليه فيدعوا به ربه حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا الفضيل بن عياض عن منصور بن المعتمر عن شقيق عن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله غير أنه قال ثم ليتخير من الكلام بعد ما شاء فأبيح له هاهنا أن يختار من الدعاء ما أحب لان ما سواه من الصلاة بخلافه من ذلك ما ذكرنا من التكبير في مواضعه ومن التشهد في موضعه ومن الاستفتاح في موضعه ومن التسليم في موضعه فجعل ذلك ذكرا خاصا غير متعد إلى غيره فالنظر على ذلك أن يكون كذلك الذكر في الركوع والسجود ذكرا خاصا لا يتعدى إلى غيره
(٢٣٧)