فذكرت ذلك لإبراهيم فغضب وقال رآه هو ولم يره بن مسعود رضي الله عنه ولا أصحابه فكان هذا مما احتج به أهل هذا القول لقولهم مما رويناه عن النبي صلى الله عليه وسلم فكان من حجة مخالفهم عليهم في ذلك أن قال ما روينا نحن بتواتر الآثار وصحة أسانيدها واستقامتها فقولنا أولى من قولكم فكان من الحجة عليهم في ذلك ما سنبينه إن شاء الله تعالى أما ما روى في ذلك عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث بن أبي الزناد الذي بدأنا بذكره في أول هذا الباب فإن أبا بكرة قد حدثنا قال ثنا أبو أحمد قال ثنا أبو بكر النهشلي قال ثنا عاصم بن كليب عن أبيه أن عليا رضي الله عنه كان يرفع يديه في أول تكبيرة من الصلاة ثم لا يرفع بعد حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أحمد بن يونس قال ثنا أبو بكر النهشلي عن عاصم عن أبيه وكان من أصحاب علي رضي الله عنه عن علي مثله فحديث عاصم بن كليب هذا قد دل أن حديث بن أبي الزناد على أحد وجهين إما أن يكون في نفسه سقيما أو لا يكون فيه ذكر الرفع أصلا كما قد رواه غيره فإن بن خزيمة قد حدثنا قال ثنا عبد الله بن رجاء ح وحدثنا ابن أبي داود قال ثنا عبد الله بن صالح والوهبي قالوا أنا عبد العزيز بن أبي سلمة عن عبد الله بن الفضل فذكروا مثل حديث بن أبي الزناد في إسناده ومتنه ولم يذكروا الرفع في شئ من ذلك فإن كان هذا هو المحفوظ وحديث بن أبي الزناد خطأ فقد ارتفع بذلك أن يجب لكم بحديث خطأ حجة وإن كان ما روى بن أبي الزناد صحيحا لأنه زاد على ما روى غيره فإن عليا لم يكن ليرى النبي صلى الله عليه وسلم يرفع ثم يترك هو الرفع بعده إلا وقد ثبت عنده نسخ الرفع فحديث علي رضي الله عنه إذا صح ففيه أكثر الحجة لقول من لا يرى الرفع وأما حديث بن عمر رضي الله عنهما فإنه قد روى عنه ما ذكرنا عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم روى عنه من فعله بعد النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أحمد بن يونس قال ثنا أبو بكر بن عياش عن حصين عن مجاهد قال صليت خلف بن عمر رضي الله عنهما فلم يكن يرفع يديه إلا في التكبيرة الأولى من الصلاة فهذا بن عمر قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم يرفع ثم قد ترك هو الرفع بعد النبي صلى الله عليه وسلم فلا يكون ذلك إلا وقد ثبت عنده نسخ ما قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم فعله وقامت الحجة عليه بذلك فإن قال قائل هذا حديث منكر قيل له وما دلك على ذلك فلن تجد إلى ذلك سبيلا
(٢٢٥)