نشأ الشيخ الكركي كما ينشأ أمثاله من النوابغ محبا للدرس وكسب العلم ولكن طموح الشيخ ونبوغه وتعطشه لطلب العلم، حدا به إلى التجوال في مختلف البلدان لطلب العلم فرحل إلى مصر لدراسة فقه المذاهب الإسلامية فدرس على كبار علمائها وحصل على إجازات من شيوخها.
وقد خفيت علينا أطوار حياة الشيخ في هذه الفترة، فلم نعرف مراحل دراسته إلا من إجازاته لطلابه ومنها إجازته للمولى برهان الدين أبي إسحاق إبراهيم بن زين الدين أبي الحسن على الخانيساري الأصفهاني.
وسافر عام 909 هجرية إلى النجف الأشرف معدن علوم آل محمد (صلى الله عليه وآله) وحاضرة العالم الشيعي، وأخذ ينهل من كبار أعلامها حتى طار صيته في الآفاق وصار وحيد عصره وفريد دهره.
كان الكركي نابغة بحاثة يطلب المزيد من العلم، ويزاول التطوير والتجديد شأن من سبقه من كبار العلماء.
وفي حياة المحقق الكركي العلمية والعلمية يستوقفنا أمران:
1 - تطويره وتجديده في الفقه الشيعي.
2 - وضعه للأسس الشرعية لدولة إيران الفتية.
أما في الجانب الأول... فقد تميز المحقق الكركي عمن سبقه بأن مبانيه قوية واستدلالاته متينة رصينة واحتجاجاته مفحمة مسكتة، وكان معروفا بعمق المطالب وبساطة الأسلوب، ومن أثره أن قيل:... إن الاستدلالات الفقهية عند من سبقة لم تكن بالمستوى المطلوب، وهذا بلا شك نابع من قوة أثره على معاصريه ومن بعده.
وخلف لنا عدة كتب هي من عيون المؤلفات منها كتابه القيم جامع المقاصد، الذي يعد مفخرة علمية من تلك المفاخر الكثر التي يعتز بها الشيعة فقد حوى من قوة الاستدلال وعمق المطلب ما يبهر العلماء، بحيث عول عليه