حجة للمانعين بل فيه حجة على المانعين، فإن المراد بأرضكم هي المدينة كأن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن النجاشي إن مات في أرضكم المدينة لصليتم عليه، لكنه مات في غير أرضكم المدينة فصلوا عليه صلاة الغائب فهذا تشريع منه وسنة للأمة الصلاة على كل غائب والله أعلم.
قال الحافظ: ومن ذلك قول بعضهم كشف له صلى الله عليه وسلم عنه حتى رآه فتكون صلاته عليه كصلاة الإمام على ميت رآه ولم يره المأمومون، ولا خلاف في جوازها.
قال ابن دقيق العيد: هذا يحتاج إلى نقل ولا يثبت بالاحتمال، وتعقبه بعض الحنفية بأن الاحتمال كاف في مثل هذا من جهة المانع، وكأن مستند قائل ذلك ما ذكره الواحدي في أسبابه بغير إسناد عن ابن عباس قال ((كشف للنبي صلى الله عليه وسلم عن سرير النجاشي حتى رآه وصلى عليه)).
ولابن حبان من حديث عمران بن حصين فقام وصفوا خلفه وهم لا يظنون إلا أن جنازته بين يديه. أخرجه من طريق الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي المهلب عنه.
ولأبي عوانة من طريق أبان وغيره عن يحيى ((فصلينا خلفه ونحن لا نرى إلا أن الجنازة قدامنا)).
ومن الاعتذارات أيضا أن ذلك خاص بالنجاشي لأنه لم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى على ميت غائب غيره قاله المهلب، وكأنه لم يثبت عنده قصة معاوية الليثي وقد ذكرت في ترجمته في الصحابة أن خبره قوي بالنظر إلى مجموع طرقه.
واستند من قال بتخصيص النجاشي بذلك إلى ما تقدم من إرادة إشاعة أنه مات مسلما أو استئلاف قلوب الملوك الذين أسلموا في حياته. قال النووي: لو فتح باب هذا الخصوص لا نسد كثير من ظواهر الشرع، مع أنه لو كان شئ مما ذكروه لتوفرت الدواعي على نقله.
وقال ابن العربي المالكي: قال المالكية: ليس ذلك إلا لمحمد، قلنا وما عمل به محمد تعمل به أمته يعني لأنه الأصل عدم الخصوصية قالوا طويت له الأرض وأحضرت الجنازة بين يديه، قلنا إن ربنا عليه لقادر، وإن نبينا لأهل لذلك، ولكن لا تقولوا إلا ما رويتم ولا تخترعوا حديثا من عند أنفسكم، ولا تحدثوا إلا بالثابتات، ودعوا الضعاف فإنها سبيل تلاف إلى ما ليس له تلاف.
وقال الكرماني قولهم رفع الحجاب عنه ممنوع، ولئن سلمنا فكان غائبا عن الصحابة الذين صلوا عليه مع النبي صلى الله عليه وسلم، قلت وسبق إلى ذلك الشيخ أبو حامد في تعليقه، ويؤيده