طلحة يضحك إليك وتضحك إليه)) وحديث أبي أمامة بن ثعلبة أنه صلى الله عليه وسلم رجع من بدر وقد توفيت أم أبي أمامة فصلى عليها، وحديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم صلى على امرأة بعد ما دفنت وهو محتمل للمسكينة وغيرها، وكذا ورد من حديث بريدة عند البيهقي بإسناد حسن وهو في المسكينة في عشرة أوجه. كذا في شرح الموطأ للزرقاني. فالصلاة على قبر ذلك الميت لمن لم يصل عليه ثابت بالسنة المطهرة، سواء صلي على ذلك الميت قبله أم لا، وهذا هو مذهب جماعة من الصحابة والتابعين.
قال في زاد المعاد: وكان من هديه صلى الله عليه وسلم إذا فاتته الصلاة على الجنازة صلى على القبر، فصلى على قبر بعد ليلة، ومرة بعد ثلاث، ومرة بعد شهر، ولم يوقت في ذلك وقتا. وحد أحمد بن حنبل الصلاة على القبر بشهر إذ هو أكثر ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن صلى بعده. وحد الشافعي بما إذا لم يبل الميت انتهى. وتأول بعضهم بأن هذا مخصوص بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا باطل، فإن في رواية البخاري من طريق عامر عن ابن عباس ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبر دفن ليلا وفيه فصففنا خلفه قال ابن عباس وأنا فيهم فصلى عليه)) وفي الموطأ ((فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صلى بالناس على قبرها وكبر أربع تكبيرات (كان يقم) بضم القاف وتشديد الميم. قال الخطابي: معناه يكنس والقمامة الكناسة (فقال) النبي صلى الله عليه وسلم (ألا آذنتموني به) أي أخبرتموني بموته لأصلي عليه (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (دلوني) بضم الدال أمر من الدلالة (فصلى عليه) أي على قبره.
قال الحافظ زاد ابن حبان في رواية حماد بن سلمة عن ثابت ثم قال ((إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها وإن الله ينورها عليهم بصلاتي)) وأشار إلى أن بعض المخالفين احتج بهذه الزيادة على أن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم ثم ساق من طريق خارجة بن زيد بن ثابت نحو هذه القصة وفيها ((ثم أتى القبر فصففنا خلفه وكبر عليه أربعا)) قال ابن حبان: في ترك إنكاره صلى الله عليه وسلم على من صلى معه على القبر بيان جواز ذلك لغيره وأنه ليس من خصائصه، وتعقب بأن الذي يقع بالتبعية لا ينهض دليلا للأصالة انتهى.
قلت: لا يليق بشأن الحافظ أن ينقل قول هذا المتعقب، فإن قوله هذا غلط باطل، ويكفي لرده قوله تعالى (وما آتاكم الرسول فخذوه) وقال الخطابي: وفيه بيان جواز الصلاة على القبر لمن لم يلحق الصلاة على الميت قبل الدفن، وفي الصلاة اختلاف، فمن العلماء