المدينة، وعن الحسن البصري والأوزاعي وابن جريج وغيرهم، وقال ابن حزم لا نعلم لهم مخالفا من التابعين إلا إبراهيم النخعي وحده، كذا في الفتح.
وقال الخطابي في المعالم: أكثر شئ سمعت أصحاب مالك يحتجون به في رد الحديث هو أنه قال: ليس العمل عليه عندنا وليس للتفرق حد محدود يعلم. قال الخطابي:
هذا ليس بحجة، أما قوله ليس العمل عليه عندنا فإنما هو كأنه قال أنا أرد هذا الحديث فلا أعمل به، فيقال له الحديث حجة فلم رددته ولم لم تعمل به وقد قال الشافعي: رحم الله مالكا لست أدري من اتهم في إسناد هذا الحديث، اتهم نفسه أو نافعا وأعظم أن يقول اتهم ابن عمر. وأما قوله ليس للتفرق حد يعلم فليس الأمر على ما توهمه، والأصل في هذا ونظائره أن يرجع إلى عادة الناس وعرفهم، ويعتبر حال المكان الذي هما فيه مجتمعان، فإذا كانا في بيت فإن التفرق إنما يقع بخروج أحدهما منه، وإن كانا في دار واسعة فانتقل أحدهما من مجلسه إلى بيت أو صفة أو نحو ذلك فإنه قد فارق صاحبه، وإن كانا في سوق أو على حانوت فهو أن يولي عن صاحبه ويخطو خطوات ونحوها وهذا كالعرف الجاري والعادة المعلومة في التقابض انتهى كلام الخطابي.
قال النووي تحت حديث ابن عمر: هذا الحديث دليل لثبوت خيار المجلس لكل واحد من المتبايعين بعد انعقاد البيع حتى يتفرقا من ذلك المجلس بأبدانهما وبهذا قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وممن قال به علي بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس وأبو هريرة وأبو برزة الأسلمي وطاوس وسعيد بن المسيب وعطاء وشريح القاضي والحسن البصري والشعبي والزهري والأوزاعي وابن أبي ذئب وسفيان بن عيينة والشافعي وابن المبارك وعلي بن المديني وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو ثور وأبو عبيد والبخاري وسائر المحدثين وآخرون. قال أبو حنيفة ومالك: لا يثبت خيار المجلس بل يلزم البيع بنفس الإيجاب والقبول، وبه قال ربيعة، وحكي عن النخعي وهو رواية عن الثوري، وهذه الأحاديث الصحيحة ترد على هؤلاء وليس لهم عنها جواب صحيح والصواب ثبوته كما قاله الجمهور انتهى.
قال المنذري: وأخرجه ابن ماجة ورجال إسناده ثقات، وأخرجه الترمذي مختصرا.
(قال) أي محمد بن حاتم (مروان الفزاري أخبرنا) مروان مبتدأ وأخبرنا خبره (يحيى ابن أيوب) بن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، روى عن جده أبي زرعة وثقه أبو داود،