أنهم عاهدوا بني عقيل على أن لا يعرضوا للمسلمين ولا لأحد من حلفائهم فنقض حلفاؤهم العهد ولم ينكره بنو عقيل فأخذوا بجريرتهم.
وقال آخرون: هذا رجل كافر لا عهد له، وقد يجوز أخذه وأسره وقتله، فإن جاز أن يؤخذ بجريرة نفسه وهي كفره جاز أن يؤخذ بجريرة غيره ممن كان على مثل حاله من حليف وغيره.
ويحكى معنى هذا عن الشافعي.
وفيه وجه ثالث وهو أن يكون في الكلام إضمار يريد أنك إنما أخذت ليدفع بك جريرة حلفائك فيفدى بك الأسيرين الذين أسرتهم ثقيف. ألا تراه يقول ففودي الرجل بعد بالرجلين انتهى كلام الخطابي (وأنا مسلم) قال الخطابي: ثم لم يخله النبي صلى الله عليه وسلم مع ذلك لكنه رده إلى دار الكفر، فإنه يتأول على أنه قد كان أطلعه الله على كذبه وأعلم أنه تكلم به على التقية دون الإخلاص ألا تراه يقول هذه حاجتك حين قال إني جائع فأطعمني وإني ظمآن فاسقني، وليس هذا لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا قال الكافر إني مسلم قبل إسلامه ووكلت سريرته إلى ربه تعالى، وقد انقطع الوحي وانسد باب علم الغيب انتهى.
(قال) صلى الله عليه وسلم (لو قلتها) أي هذه الكلمة (وأنت تملك أمرك) قال الخطابي: يريد أنك لو تكلمت بكلمة الإسلام طائعا راغبا فيه قبل الإسار أفلحت في الدنيا بالخلاص من الرق وأفلحت في الآخرة بالنجاة من النار انتهى.
وقال النووي: معناه لو قلت كلمة الإسلام قبل الأسر حين كنت مالك أمرك أفلحت كل الفلاح، لأنه لا يجوز أسرك لو أسلمت قبل الأسر، فكنت فزت بالإسلام وبالسلامة من الأسر ومن اغتنام مالك، وأما إذا أسلمت بعد الأسر فيسقط الخيار في قتلك ويبقى الخيار بين الاسترقاق والمن والفداء.
وفي هذا الحديث جواز المفاداة، وأن إسلام الأسير لا يسقط حق الغانمين منه بخلاف ما لو أسلم قبل الأسر وليس في هذا الحديث أنه حين أسلم وفادى به رجع إلى دار الكفر، ولو ثبت