وصلاة الفطر ركعتان وصلاة الجمعة ركعتان تمام من غير قصر على لسان محمد صلى الله عليه وسلم رواه أحمد والنسائي وابن ماجة قال في النيل رجاله رجال الصحيح إلا يزيد بن زياد بن أبي الجعد وقد وثقه أحمد وابن معين قال ابن القيم في الهدى هو ثابت عنه واحتج القائلون بأن القصر رخصة والتمام أفضل بحجج منها قول الله تعالى (ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) ونفي الجناح لا يدل على العزيمة بل على الرخصة وعلى أن الأصل التمام والقصر إنما يكون من شئ أطول منه وأجيب بأن الآية وردت في قصر الصفة في صلاة الخوف لا في قصر العدد لما علم من تقدم شرعية قصر العدد ومنها قوله صلى الله عليه وسلم صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته أخرجه الجماعة إلا البخاري قالوا الظاهر من قوله صدقة أن القصر رخصة فقط وأجيب بأن الأمر بقبولها يدل على أنها لا محيص عنها وهو المطلوب ومنها ما في صحيح مسلم وغيره أن الصحابة كانوا يسافرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنهم القاصر ومنهم المتم ومنهم الصائم ومنهم المفطر لا يعيب بعضهم على بعض كذا قال النووي في شرح مسلم قال الشوكاني في النيل لم نجد في صحيح مسلم قوله فمنهم القاصر ومنهم المتم وليس فيه إلا أحاديث الصوم والإفطار انتهى قلت لم نجد أيضا هذا اللفظ في صحيح مسلم قال وإذا ثبت ذلك فليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك وقرره عليهم وقد نادت أقواله وأفعاله بخلاف ذلك ومنها حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر في السفر ويتم ويفطر ويصوم أخرجه الدارقطني وقد تقدم وقد عرفت هناك أنه لا يصلح للاحتجاج هذا كله تلخيص ما ذكره القاضي الشوكاني في النيل مع زيادة واختصار وقال الشوكاني في آخر كلامه وهذا النزاع في وجوب القصر وعدمه وقد لاح من مجموع ما ذكرنا رجحان القول بالوجوب وأما دعوى أن التمام أفضل فمدفوعة بملازمته صلى الله عليه وسلم في جميع أسفاره وعدم صدور التمام عنه ويبعد أن يلازم صلى الله عليه وسلم طول عمره المفضول ويدع الأفضل انتهى قلت من شأن متبعي السنن النبوية ومقتفي الآثار المصطفوية أن يلازموا القصر في السفر كما لازمه صلى الله عليه وسلم ولو كان القصر غير واجب فاتباع السنة في القصر في السفر هو المتعين ولا حاجة لهم أن يتموا في السفر ويتأولوا كما تأولت عائشة وتأول عثمان رضي الله عنهما هذا ما
(٨٦)