من جهاد الأعداء وتقوية شعائر الدين ونحوها فإن الحديث عام لكل خليفة راشد لا يخص الشيخين ومعلوم من قواعد الشريعة أنه ليس لخليفة راشد أن يشرع طريقة غير ما كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم ثم هذا عمر رضي الله عنه نفسه الخليفة الراشد سمى ما رآه من تجميع صلاته ليالي رمضان بدعة ولم يقل إنها سنة فتأمل على أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم خالفوا الشيخين في مواضع ومسائل فدل أنهم لم يحملوا الحديث على أن ما قالوه وفعلوه حجة وقد حقق البرماوي الكلام في شرح ألفيته في أصول الفقه مع أنه قال إنما الحديث الأول يدل على أنه إذا اتفق الخلفاء الأربعة على قول كان حجة لا إذا انفرد واحد منهم والتحقيق أن الاقتداء ليس هو التقليد بل هو غيره كما حققناه في شرح نظم الكافل في بحث الاجماع انتهى كلام صاحب السبل فإذا عرفت أنه ليس المراد بسنة الخلفاء الراشدين إلا طريقتهم الموافقة لطريقته صلى الله عليه وسلم لاح لك أن الاستدلال على كون الأذان الثالث الذي هو من مجتهدات عثمان رضي الله عنه أمرا مسنونا ليس بتام ألا ترى أن ابن عمر رضي الله عنه قال الأذان الأول يوم الجمعة بدعة فلو كان هذا الاستدلال تاما وكان الأذان الثالث أمرا مسنونا لم يطلق عليه لفظ البدعة لا على سبيل الإنكار ولا على سبيل غير الإنكار فإن الأمر المسنون لا يجوز أن يطلق عليه لفظ البدعة بأي معنى كان فتفكر باب ما جاء في الكلام بعد نزول الإمام من المنبر قوله (يكلم بالحاجة إذا نزل من المنبر) وفي المنتقى بلفظ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل من المنبر يوم الجمعة فيكلمه الرجل في الحاجة ويكلمه ثم يتقدم إلى مصلاه فيصلي وعزاه إلى الخمسة وفيه دليل على أنه لا بأس بالكلام بعد نزول الإمام من المنبر عند الحاجة قال القاضي أبو بكر بن العربي الأصح عندي أن لا يتكلم فيها لأن مسلما قد روى أن الساعة التي في يوم الجمعة المستجابة هي من حين يجلس الإمام على المنبر إلى أن تقام الصلاة فينبغي أن
(٤١)