وقال ابن عبد البر من احتج في هذا بقوله تعالى (ولا تبطلوا أعمالكم) فهو جاهل بأقوال أهل العلم فإن الأكثر على أن المراد بذلك النهي عن الرياء كأنه قال (لا تبطلوا أعمالكم) بالرياء بل أخلصوها لله وقال آخرون لا تبطلوا أعمالكم بارتكاب الكبائر ولو كان المراد بذلك النهي عن إبطال ما لم يفرض الله عليه ولا أوجب على نفسه بنذر أو غيره لامتنع عليه الافطار إلا بما يبيح الفطر من الصوم الواجب وهم لا يقولون بذلك انتهى قال الشوكاني ولا يخفى أن الآية عامة والاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما تقرر في الأصول فالصواب ما قال ابن المنير انتهى 37 باب ما جاء في وصال شعبان برمضان قوله (ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلخ) وفي رواية أبي داود وغيره أنه لم يكن يصوم من السنة شهرا تاما إلا شعبان يصله برمضان وهذا اللفظ أوفق لما ترجم به الترمذي قال الحافظ في الفتح بعد ذكر هذه الرواية أي كان يصوم معظمه واستدل عليه برواية عائشة عند مسلم بلفظ كان يصوم شعبان إلا قليلا وسيجئ تحقيقه قوله (حديث أم سلمة حديث حسن) وأخرجه أبي داود والنسائي وابن ماجة وسكت عنه أبو داود ونقل المنذري تحسين الترمذي وأقره (وقد روي هذا الحديث أيضا عن أبي سلمة عن عائشة) قال الحافظ في الفتح يحتمل أن يكون أبو سلمة رواه عن كل من عائشة وأم سلمة ويؤيده أن محمد بن إبراهيم التيمي رواه عن أبي سلمة عن عائشة تارة وعن أم سلمة تارة أخرى أخرجهما النسائي انتهى
(٣٦٠)