الصلاة لكنه أراد بيان المسافة التي أراد المسافر الوصول إليها جاز له القصر ولا يجوز له في أقل منها قوله (خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة) أي متوجهين إلى مكة لحجة الوداع (فصلى ركعتين) أي في الرباعية وفي رواية الصحيحين على ما في المشكاة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة (قال عشرا) أي أقام بمكة عشرا قال القاري في المرقاة الحديث بظاهره ينافي مذهب الشافعي من أنه إذا أقام أربعة أيام يجب الاتمام انتهى قلت قد نقل القاري عن ابن حجر الهيثمي ما لفظه لم يقم العشر التي أقامها لحجة الوداع بموضع واحد لأنه دخلها يوم الأحد وخرج منها صبيحة الخميس فأقام بمنى والجمعة بنمرة وعرفات ثم عاد السبت بمنى لقضاء نسكه ثم بمكة لطواف الإفاضة ثم بمنى يومه فأقام بها بقيته والأحد والاثنين والثلاثاء إلى الزوال ثم نفر فنزل بالمحصب وطاف في ليلته للوداع ثم رحل قبل صلاة الصبح لمتفرق إقامته قصر في الكل وبهذا أخذنا أن للمسافر إذا دخل محلا أن يقصر فيه ما لم يصر مقيما أو ينو إقامة أربعة أيام غير يومي الدخول والخروج أو يقيمها واستدلوا لذلك بخبر الصحيحين يقيم المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثا وكان يحرم على المهاجرين الإقامة بمكة ومساكنة الكفار كما روياه أيضا فالإذن في الثلاثة يدل على بقاء حكم السفر فيها بخلاف الأربعة انتهى وقال الحافظ في فتح الباري قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لصبح رابعة كما في حديث ابن عباس ولا شك أنه خرج صبح الرابع عشر فتكون مدة الإقامة بمكة وضواحيها عشرة أيام بلياليها كما قال أنس رضي الله عنه وتكون مدة إقامته بمكة أربعة أيام سواء لأنه خرج منها في اليوم الثامن فصلى الظهر بمنى ومن ثم قال الشافعي إن المسافر إذا أقام ببلدة قصر أربعة أيام وقال أحمد إحدى وعشرين صلاة انتهى كلام الحافظ قوله (وفي الباب عن ابن عباس وجابر) أما حديث ابن عباس فأخرجه البخاري وأبو داود وابن ماجة وأخرجه الترمذي في هذا الباب وأما حديث جابر فأخرجه أبو داود
(٩٠)