باختياره فسأل ربه في ذلك (قوله فيصرف وجهه عن النار) بضم أوله على البناء للمجهول وفي رواية شعيب فيصرف الله ووقع في رواية أنس عن ابن مسعود عند مسلم وفي حديث أبي سعيد عند أحمد والبزار نحوه أنه يرفع له شجرة فيقول رب أدنني من هذه الشجرة فلأستظل بظلها وأشرب من مائها فيقول الله لعلي ان أعطيتك تسألني غيرها فيقول لا يا رب ويعاهده أن لا يسأل غيرها وربه يعذره لأنه يرى مالا صبر له عليه وفيه أنه يدنو منها وأنه يرفع له شجرة أخرى أحسن من الأولى عند باب الجنة ويقول في الثالثة ائذن لي في دخول الجنة وكذا وقع في حديث أنس الآتي في التوحيد من طريق حميد عنه رفعه آخر من يخرج من النار ترفع له شجرة ونحوه لمسلم من طريق النعمان بن أبي عياش عن أبي سعيد بلفظ ان أدنى أهل الجنة منزلة رجل صرف الله وجهه عن النار قبل الجنة ومثلت له شجرة ويجمع بأنه سقط من حديث أبي هريرة هنا ذكر الشجرات كما سقط من حديث ابن مسعود ما ثبت في حديث الباب من طلب القرب من باب الجنة (قوله ثم يقول بعد ذلك يا رب قربني إلى باب الجنة) في رواية شعيب قال يا رب قدمني (قوله فيقول أليس قد زعمت) في رواية شعيب فيقول الله أليس قد أعطيت العهد والميثاق (قوله لعلي ان أعطيتك ذلك) في رواية التوحيد فهل عسيت ان فعلت بك ذلك أن تسألني غيره أما عسيت ففي سينها الوجهان الفتح والكسر وجملة ان تسألني هي خبر عسى والمعنى هل يتوقع منك سؤال شئ غير ذلك وهو استفهام تقرير لان ذلك عادة بني آدم والترجي راجع إلى المخاطب لا إلى الرب وهو من باب ارخاء العنان إلى الخصم ليبعثه ذلك على التفكر في أمره والانصاف من نفسه (قوله فيقول لا وعزتك لا أسألك غيره فيعطي الله ما شاء من عهد وميثاق) يحتمل أن يكون فاعل شاء الرجل المذكور أو الله قال ابن أبي جمرة انما بادر للحلف من غير استحلاف لما وقع له من قوة الفرح بقضاء حاجته فوطن نفسه على أن لا يطلب مزيدا وأكده بالحلف (قوله فإذا رأى ما فيها سكت) في رواية شعيب فإذا بلغ بابها ورأى زهرتها وما فيها من النضرة وفي رواية إبراهيم بن سعد من الحبرة بفتح المهملة وسكون الموحدة ولمسلم الخير بمعجمة وتحتانية بلا هاء والمراد أنه يرى ما فيها من خارجها اما لان جدارها شفاف فيرى باطنها من ظاهرها كما جاء في وصف الغرف وأما ان المراد بالرؤية العلم الذي يحصل له من سطوع رائحتها الطيبة وأنوارها المضيئة كما كان يحصل له أذى لفح النار وهو خارجها (قوله ثم قال) في رواية إبراهيم بن سعد ثم يقول (قوله ويلك) في رواية شعيب ويحك (قوله يا رب لا تجعلني أشقى خلقك) المراد بالخلق هنا من دخل الجنة فهو لفظ عام أريد به خاص ومراده أنه يصير إذا استمر خارجا عن الجنة أشقاهم وكونه أشقاهم ظاهر لو استمر خارج الجنة وهم من داخلها قال الطيبي معناه يا رب قد أعطيت العهد والميثاق ولكن تفكرت في كرمك ورحمتك فسألت ووقع في الرواية التي في كتاب الصلاة لا أكون أشقى خلقك وللقابسي لأكونن قال ابن التين المعنى لئن أبقيتني على هذه الحالة ولم تدخلني الجنة لأكونن والألف في الرواية الأولى زائدة وقال الكرماني معناه لا أكون كافرا (قلت) هذا أقرب مما قال ابن التين ولو استحضر هذه الرواية التي هنا ما احتاج إلى التكلف الذي أبداه فان قوله لا أكون لفظه لفظ الخبر ومعناه الطلب ودل عليه قوله لا تجعلني ووجه كونه أشقى أن الذي يشاهد ما يشاهده ولا يصل إليه يصير أشد حسرة ممن لا يشاهد وقوله خلقك مخصوص بمن ليس من أهل
(٤٠٢)