والمشركين في نار جهنم خالدين فيها الآية فأما من كان متمسكا بدينه الأصلي فخرج بمفهوم قوله الذين كفروا وعلى ما ذكر من حديث أبي سعيد يبقى أيضا من كان يظهر الايمان من مخلص ومنافق (قوله (1) فتدعى اليهود) قدموا بسبب تقدم ملتهم على ملة النصارى (قوله فيقال لهم) لم أقف على تسمية قائل ذلك لهم والظاهر أنه الملك الموكل بذلك (قوله كنا نعبد عزير ابن الله) هذا فيه اشكال لان المتصف بذلك بعض اليهود وأكثرهم ينكرون ذلك ويمكن أن يجاب بأن خصوص هذا الخطاب لمن كان متصفا بذلك ومن عداهم يكون جوابهم ذكر من كفروا به كما وقع في النصارى فإن منهم من أجاب بالمسيح ابن الله مع أن فيهم من كان بزعمه يعبد الله وحده وهم الاتحادية الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم (قوله فيقال لهم كذبتم) قال الكرماني التصديق والتكذيب لا يرجعان إلى الحكم الذي أشار إليه فإذا قيل جاء زيد بن عمرو بكذا فمن كذبه أنكر مجيئه بذلك الشئ لا انه ابن عمرو وهنا لم ينكر عليهم أنهم عبدوا وانما أنكر عليهم ان المسيح ابن الله قال والجواب عن هذا أن فيه نفي اللازم وهو كونه ابن الله ليلزم نفي الملزوم وهو عبادة ابن الله قال ويجوز أن يكون الأول بحسب الظاهر وتحصل قرينة بحسب المقام نقتضي الرجوع إليهما جميعا أو إلى المشار إليه فقط قال ابن بطال في هذا الحديث ان المنافقين يتأخرون مع المؤمنين رجاء أن ينفعهم ذلك بناء على ما كانوا يظهرونه في الدنيا فظنوا أن ذلك يستمر لهم فميز الله تعالى المؤمنين بالغرة والتحجيل إذ لا غرة للمنافق ولا تحجيل (قلت) قد ثبت ان الغرة والتحجيل خاص بالأمة المحمدية فالتحقيق انهم في هذا المقام يتميزون بعدم السجود وباطفاء نورهم بعد أن حصل لهم ويحتمل ان يحصل لهم الغرة والتحجيل ثم يسلبان عند اطفاء النور وقال القرطبي ظن المنافقون ان تسترهم بالمؤمنين ينفعهم في الآخرة كما كان ينفعهم في الدنيا جهلا منهم ويحتمل أن يكونوا حشروا معهم لما كانوا يظهرونه من الاسلام فاستمر ذلك حتى ميزهم الله تعالى منهم قال ويحتمل انهم لما سمعوا لتتبع كل أمة من كانت تعبد والمنافق لم يكن يعبد شيئا بقي حائرا حتى ميز (قلت) هذا ضعيف لأنه يقتضي تخصيص ذلك بمنافق كان لا يعبد شيئا وأكثر المنافقين كانوا يعبدون غير الله من وثن وغيره (قوله فيأتيهم الله في غير الصورة التي يعرفون) في حديث أبي سعيد الآتي في التوحيد في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة وفي رواية هشام بن سعد ثم يتبدى لنا الله في صورة غير صورته التي رأيناه فيها أول مرة ويأتي في حديث أبي سعيد من الزيادة فيقال لهم ما يحبسكم وقد ذهب الناس فيقولون فارقناهم ونحن أحوج منا إليه اليوم وانا سمعنا مناديا ينادي ليلحق كل قوم ما كانوا يعبدون واننا ننتظر ربنا ووقع في رواية مسلم هنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم ورجح عياض رواية البخاري وقال غيره الضمير لله والمعنى فارقنا الناس في معبوداتهم ولم نصاحبهم ونحن اليوم أحوج لربنا أي انا محتاجون إليه وقال عياض بل أحوج على بابها لانهم كانوا محتاجين إليه في الدنيا فهم في الآخرة أحوج إليه وقال النووي إنكاره لرواية مسلم معترض بل معناه التضرع إلى الله في كشف الشدة عنهم بأنهم لزموا طاعته وفارقوا في الدنيا من زاغ عن طاعته من أقاربهم مع حاجتهم إليهم في معاشهم ومصالح دنياهم كما جرى لمؤمني الصحابة حين قاطعوا من أقاربهم من حاد الله ورسوله مع حاجتهم إليهم والارتفاق بهم وهذا ظاهر في معنى الحديث لا شك في حسنه وأما نسبة الاتيان
(٣٩١)