لم يرو أبدا وعند عبد الله بن أحمد في زيادات المسند في الحديث الطويل عن لقيط بن عامر انه وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ونهيك بن عاصم قال فقدمنا المدينة عند انسلاخ رجب فلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انصرف من صلاة الغداة الحديث بطوله في صفة الجنة والبعث وفيه تعرضون عليه بادية له صفائحكم لا تخفى عليه منكم خافية فيأخذ غرفة من ماء فينضح بها قبلكم فلعمر الهك ما يخطئ وجه أحدكم قطرة فأما المسلم فتدع وجهه مثل الريطة البيضاء وأما الكافر فتخطمه مثل الخطام الأسود ثم ينصرف نبيكم وينصرف على اثره الصالحون فيسلكون جسرا من النار يطأ أحدكم الجمرة فيقول حس فيقول ربك أوانه الا فيطلعون على حوض الرسول على اظماء والله ناهلة رأيتها أبدا ما يبسط أحد منكم يده الا وقع على قدح الحديث وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة والطبراني والحاكم وهو صريح في أن الحوض قبل الصراط (قوله وقول الله تعالى انا أعطيناك الكوثر) أشار إلى أن المراد بالكوثر النهر الذي يصب في الحوض فهو مادة الحوض كما جاء صريحا في سابع أحاديث الباب ومضى في تفسير سورة الكوثر من حديث عائشة نحوه مع زيادة بيان فيه وتقدم الكلام على حديث ابن عباس أن الكوثر هو الخير الكثير وجاء إطلاق الكوثر على الحوض في حديث المختار بن فلفل عن أنس في ذكر الكوثر هو حوض ترد عليه أمتي وقد اشتهر اختصاص نبينا صلى الله عليه وسلم بالحوض لكن أخرج الترمذي من حديث سمرة رفعه ان لكل نبي حوضا وأشار إلى أنه اختلف في وصله وارساله وان المرسل أصح (قلت) والمرسل أخرجه ابن أبي الدنيا بسند صحيح عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لكل نبي حوضا وهو قائم على حوضه بيده عصا يدعو من عرف من أمته الا أنهم يتباهون أيهم أكثر تبعا واني لأرجو ان أكون أكثرهم تبعا وأخرجه الطبراني من وجه آخر عن سمرة موصولا مرفوعا مثله وفي سنده لين وأخرج ابن أبي الدنيا أيضا من حديث أبي سعيد رفعه وكل نبي يدعو أمته ولكل نبي حوض فمنهم من يأتيه الفئام ومنهم من يأتيه العصبة ومنهم من يأتيه الواحد ومنهم من يأتيه الاثنان ومنهم من لا يأتيه أحد واني لأكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة وفي اسناده لين وان ثبت فالمختص بنبينا صلى الله عليه وسلم الكوثر الذي يصب من مائة في حوضه فإنه لم ينقل نظيره لغيره ووقع الامتنان عليه به في السورة المذكورة قال القرطبي في المفهم تبعا للقاضي عياض في غالبه مما يجب على كل مكلف أن يعلمه ويصدق به ان الله سبحانه وتعالى قد خص نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالحوض المصرح باسمه وصفته وشرابه في الأحاديث الصحيحة الشهيرة التي يحصل بمجموعها العلم القطعي إذ روى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة نيف على الثلاثين منهم في الصحيحين ما ينيف على العشرين وفي غرهما بقية ذلك مما صح نقله واشتهرت رواته ثم رواه عن الصحابة المذكورين من التابعين أمثالهم ومن بعدهم اضعاف اضعافهم وهلم جرا وأجمع على اثباته السلف وأهل السنة من الخلف وأنكرت ذلك طائفة من المبتدعة وأحالوه على ظاهره وغلوا في تأويله من غير استحالة عقلية ولا عادية تلزم من حمله على ظاهره وحقيقته ولا حاجة تدعو إلى تأويله فخرق من حرفه إجماع السلف وفارق مذهب أئمة الخلف (قلت) أنكره الخوارج وبعض المعتزلة وممن كان ينكره عبيد الله بن زياد أحد أمراء العراق لمعاوية وولده فعند أبي داود من طريق
(٤٠٦)