الحديث خاصا بهم وغيره عاما فيحمل على عمومه الا ما خص منه (قلت) إن أراد أن هؤلاء يخصون بأن النار لا تأكل وجوههم كلها وأن غيرهم لا تأكل منهم محل السجود خاصة وهو الجبهة سلم من الاعتراض والا يلزمه تسليم ما قال القاضي في حق الجميع الا هؤلاء وإن كانت علامتهم الغرة كما تقدم النقل عمن قاله وما تعقبه بأنها خاصة بهذه الأمة فيضاف إليها التحجيل وهو في اليدين والقدمين مما يصل إليه الوضوء فيكون أشمل مما قاله النووي من جهة دخول جميع اليدين والرجلين لا تخصيص الكفين والقدمين ولكن ينقص منه الركبتان وما استدل به القاضي من بقية الحديث لا يمنع سلامة هذه الأعضاء مع الانغمار لان تلك الأحوال الأخروية خارجة على قياس أحوال أهل الدنيا ودل التنصيص على دارات الوجوه ان الوجه كله لا تؤثر فيه النار اكراما لمحل السجود ويحمل الاقتصار عليها على التنويه بها لشرفها وقد استنبط ابن أبي جمرة من هذا ان من كان مسلما ولكنه كان لا يصلى لا يخرج إذ لا علامة له لكن يحمل على أنه يخرج في القبضة لعموم قوله لم يعملوا خيرا قط وهو مذكور في حديث أبي سعيد الآتي في التوحيد وهل المراد بمن يسلم من الاحراق من كان يسجد أو أعم من أن يكون بالفعل أو القوة الثاني أظهر ليدخل فيه من أسلم مثلا وأخلص فبغته الموت قبل أن يسجد ووجدت بخط أبي رحمه الله تعالى ولم أسمعه منه من نظمه ما يوافق مختار النووي وهو قوله يا رب أعضاء السجود عتقتها * من عبدك الجاني وأنت الواقي والعتق يسري بالغنى يا ذا الغنى * فامنن على الفاني بعتق الباقي (قوله فيخرجونهم قد امتحشوا) هكذا وقع هنا وكذا وقع في حديث أبي سعيد في التوحيد عن يحيى بن بكير عن الليث بسنده ووقع عند أبي نعيم من رواية أحمد بن إبراهيم بن ملحان عن يحيى بن بكير فيخرجون من عرفوا ليس فيه قد امتحشوا وانما ذكرها بعد قوله فيقبض قبضة وكذا أخرجه البيهقي وابن منده من رواية روح بن الفرج ويحيى بن أيوب العلاف كلاهما عن يحيى بن بكير به قال عياض ولا يبعد أن الامتحاش يختص بأهل القبضة والتحريم على النار أن تأكل صورة الخارجين أولا قبلهم ممن عمل الخير على التفصيل السابق والعلم عند الله تعالى وتقدم ضبط امتحشوا وأنه بفتح المثناة والمهملة وضم المعجمة أي احترقوا وزنه ومعناه والمحش احتراق الجلد وظهور العظم قال عياض ضبطناه عن متقني شيوخنا وهو وجه الكلام وعند بعضهم بضم المثناة وكسر الحاء ولا يعرف في اللغة امتحشه متعديا وانما سمع لازما مطاوع محشته يقال محشته وأمحشته وأنكر يعقوب بن السكيت الثلاثي وقال غيره أمحشته فامتحش وأمحشه الحر أحرقه والنار أحرقته وامتحش هو غضبا وقال أبو نصر الفارابي الامتحاش الاحتراق (قوله فيصب عليهم ماء يقال له ماء الحياة) في حديث أبي سعيد فيلقون في نهر بأفواه الجنة يقال له ماء الحياة والأفواه جمع فوهة على غير قياس والمراد بها الأوائل وتقدم في الايمان من طريق يحيى بن عمارة عن أبي سعيد في نهر الحياة أو الحياء بالشك وفي رواية أبي نضرة عند مسلم على نهر يقال له الحيوان أو الحياة وفي أخرى له فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة يقال له نهر الحياة وفي تسمية ذلك النهر به إشارة إلى انهم لا يحصل لهم الفناء بعد ذلك (قوله فينبتون نبات الحبة) بكسر المهملة وتشديد الموحدة تقدم في كتاب الايمان انها بزور الصحراء والجمع حبب بكسر المهملة وفتح الموحدة بعدها
(٣٩٩)